أدب

هل سمعتم يوماً.. أن الأموات دفنوا ميتاً؟

بقلم: عبير الشهابي

انطلاقاً من النرجسية المفرطة والعنجهية العمياء، قد يقول قائل، أنه قد سمع ورأى، بأنه الحي الوحيد الذي رافق الميت ومشيعيه الأموات إلى مثواهم الأخير، ليعود مرة أخرى كل المشيعين إلى قبورهم الداثرة، سواه..

ما يحصل بالواقع العربي يمثل المشيع الحي الذي رافق جموع الأموات في تشييعهم للجنازة الحامية، لنكتشف في اليوم الآخر، أن الميت كان كلباً مرمياً على قارعة الطريق، بالقرب من مكب للنفايات، وقد أجهز عليه أبناء جلدته من الكلاب الجائعة.. وبعض من الجرذان التي ضلت طريقها، بفعل زحمة السير وازدحام المارة في المجارير الآسنة، ووضياع الدليل الذي قد ويوصلهم إلى بر الآمان، بعد أن ضل غالبيتهم الطريق.

بلا تجن أو تأسي أو تشفي، لنا أن نقول كثير ممن يقال عنهم الموتى، هم أصداقاء ذاك الكلب، وأن المشيعين حقيقة هم موتى الضمائر، الفاقدين للقيم.. بل هم القتلة المأجورين، الذين يتسابقون مع الجذران التي أضلت طريقها لتعود إلى جحورها المبنية على جنبات المياه الآسنة..

وأن ما ترهوه مغنماً ستدفعوه مغرماً، لأن الحياة لا تسمح لأحد منا، أن ينال كل ما يحلم به، فبقدر ما تحمله لنا ولكم من أحلام وردية، بقدر ما تأخذه غدراً، رغماً عنا على هيئة فواجع غير متوقعة..

لم يعد متسعاً للوقت، لأن الحياة ستبدأ بأخذ ما أخذه البعض خلسة منها، المفجع والمخيف أن الحياة ستسترده بضجيج مدو، يصم الآذان ويعمي القلبوب والعقول فبل العيون.