سياسة

من يسعى لإعادة انتاج النظام السوري واهم

بقلم: إياد مصطفى

بين الفينة والأخرى يطل علينا من يدعو لسوتشي أو لجنيف أو غيره، والعنوان محاربة الإرهاب وإدلب وتوحيد الأراضي السورية وبسط سيطرة النظام، وقس على ذلك صياغة الدستور وغيره من التسويفات..

بداية لا بد لنا من تبيان بعض من الحقائق الدامغة، التي لا يمكن لأحد على وجه الأرض مهما بلغت قدراته، أن يعيد انتاج نظم متهالكة كما النظام السوري.. والسبب في ذلك يكمن، بأن النظام يفتقد إلى مقومات بناء الدولة والتي تتلخص في:

أولاً: غياب العقد الاجتماعي الجامع، والذي دمره النظام السوري، رغم هشاشته، عن سابق اصرار في تشكيل تحالفات طائفية في سورية بذريعة الحفاظ على الأقليات.. سيما وأن ما يسمى بالعقد الاجتماعي وحالة التعايش، لا يأتي بقرارات تكتب على الورق، بل تتشكل عبر تاريخ طويل بالتراضي فيما بين أفراد المجتمع.. بعدها تصبح ثقافة راسخة تؤمن بالاعتراف بالآخر..

ثانياً: النظام السوري تجاوز بكل ما ارتكبه من مذابح، أعتى الاحتلالات، حيث شكل احتلالاً لسورية، عبر استحواذه على ما يسمى مظاهر القوة وهيبة الدولة.. ونادى بالمجتمع النافع، تماماً كما فعلت الغزوات الأوروبية باتجاه العالم الجديد.. أي أنه بات غازيا للبلاد وأهلها بدعم طائفي من إيران والميليشيات الطائفية كحزب الله اللبناني والحشد العراقي الشيعي، وفلول الحشود الطائفية التي استقدمها من باكستان وأفغانستان.. هذه القضية أسست لحرب طائفية قادمة ستكون ساحتها سورية، لتمتد فيما بعد إلى لبنان والعراق وقد تصل نيرانها طهران. لهذا عوامل الصراع قائمة، واتهامات الأمة الإسلامية بالإرهاب، لن تغير من المشهد القادم الدامي أو من ميكانزمات الأحداث التي ستتلاحق تباعاً.

ثالثاً: بعد أن اعتمد على أقلية دينية بعينها، هذه الأقلية فت في عضدها، وخسرت في غمار صراعها على الأرض ما يقارب 60% من قوتها، لذلك لن يكون بمقدور النظام إعاد الجيش والأمن لقبضة هذه الطائفة، وسيكون الشركاء من المكون السني معه أو ضده هو الأقوى، وأن جل القضية مرتبطة بعامل الوقت..

ناهيك بأن أية جماعة سياسية أو دينية أو جهوية، لها قدراتها المحدودة، واليوم وصل الأمر بما يسمى بالطائفة العلوية (النصيرية)  إلى حالة من فقدان التوازن.. وأن عوامل الانقسام باتت أكبر بكثير من عوامل التوحد والالتفاف حول النظام، كما كان الأمر في السنوات الأولى من خوضه الصراع مع المجتمع السوري، الذي نادى بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية..

المهم قوله، أن كتابة الدستور وغير الدستور، لن يغير بالمشهد المظلم شيئاً، وأن كذبة الحفاظ على الأقليات قد فككت الأقليات وقذفت بها إلى المنافي.. ناهيك أن بوادر قوة النبذ قد لحقت بطائفة النظام، وأن الحلول الفردية الناجزة لهذه الأقلية باتت هي السمة الغالبة.. ولعل القادم من الأيام، ستشيب له الولدان، وسيفاجئ الجميع بلا استثناء، بمعزل عن الخطابات والشعارات والوعود التي تطلقها الدول.