بقلم: إياد مصطفى
بداية لا بد من القول، أن كل البروباغندا التي أديرت بوسائل الإعلام على اختلافها واختلاف مرجعياتها، لم تكن بحثاً عن التوصل إلى مكان الرئيس الإيراني المغدور والوفد المرافق له، بقدرت ما كانت تعمل على تشتيت الانتباه للأهداف الكامنة خلف عملية الاغتيال.
أي أنه لو كانت الحكومة والدولة الإيرانية بكل ما تحتويه من مؤسسات، مجرد عصابة مارقة لكانت قد وصلت لمكان الحادث خلال ساعتين كأقصى حد.. وأن جمع العالم واشغاله في البحث عن رئيسي ووفده المرافق، وحده دون غيره يعتبر مثاراً للريبة والشك، بل وتؤسس هذه الطريقة وهذا السلوك المفضوح ثلاث احتمالات..
أولها: يقول أن ثمة اشكالات داخلية تعيشها إيران، وأن البعض الإيراني بدأ مقتنعاً بأن الوضع الإيراني أصبح مرشحاً للانفجار، وأن القدر بات يغلي خارجه، أي أن الحرب الأهلية باتت حقيقة لا يمكن لأحد لجمها.. لذلك كان اغتيال رئيسي والوفد المرافق له، ليكون نقطة أو انعطافة للحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية وبعض القوى المتشددة اخذ زمام المبادرة، ليتسنى لهؤلاء جميعاً فيما بعد ذلك، ضرب كل من تسوّل له نفسه التفكير حتى بمجرد التغيير.
ولعل هذه القناعة بالإضافة للواقع الإيراني الداخلي المزري على كل المستويات، مقتل قائد الشرطة الإيرانية فرزاد فرزند في طهران. وتعتبر هذه الحادثة صدمة كبيرة للبلاد وتظهر جدياً وعن سابق إصرار، حجم التحديات التي تواجه السلطات الإيرانية في تأمين البلاد وضبط النظام العام بعد حادثة المروحية الرئاسية الخاصة بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
حيث تم اغتياله بسبع رصاصات في منطقة الصدر، وقد تم نقله على الفور إلى المستشفى لكنه فارق الحياة متأثراً بجراحه.
وكالعادة تم فتح تحقيق في الحادث لمعرفة الجهة التي تقف وراء هذا العمل الإجرامي وتقديمها للعدالة، ولم تذكر أي جهة مسئوليتها عن الحادث وعدم استقرار الأوضاع في إيران يظل قلقاً مستمراَ.
ثانياً: الكثير من القوى والجهات الواعية لحجم هذا الحدث وما يحمله من دلالات ونذر سيئة، حاولت تغاضي الدور الأمريكي – الإسرائيلي، الذي على ما يبدو كان حاضراً في رسم جزء من الصورة.. ولعل تبرؤ إسرائيل منذ اللحظات الأولي من الحادث، كأنما يشي بشئ أو رسالة وصلت لصناع السياسة في إيران، على جتاح السرعة ومخلف بمحمل من جد الجد هذه المرة.
ولعل ما تم رصده لجهة الطائرة التابعة للقوات الجوية الأمريكية في أذربيجان من طراز C-17 والتي غادرت بالتوازي مع سقوط طائرة الرئيس رئيسي نحو الأجواء الإسرائيلة.. يعتبرأحد المؤشرات التي تدلل على أيادي أمريكية وإسرائيلية بمساعدة محلية.. خاصة وأن هذه المرة هي الأولى التي تتم فيها مثل هذه الرحلة منذ عام وبالتزامن مع حادثة اختفاء مروحية الرئيس الإيراني.
لذلك حاولت القيادة الإيرانية صرف الأنظار، حتى لا تلقي على عاتقها الثأر من قتلة إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، وحتى لا تدخل حرباً ضروس مع أذربيجان، التي تشكل ما مجموعه أكثر من ٣٠% داخل تركيبة الشعوب الإيرانية، باعتبارها شريكا أمنياً للموساد والسي أي أيه..
ثالثاً: قد يكون السقوط حادثاً عادياً، وأن النظام الإيراني جمع الدول والشاهد الملك تركيا على حادث أسبابه عطل فني أصاب طائرة أكل عليها الدهر وشرب، ويكون شهد شاهد من أهله، على اعتبار أن الأذر والترك هم أبناء جلدة واحدة، ويكون النظام الأمني الإيراني قد صرف الأنظار عن اتهامه بالمطلق، ليقف المرشد خامنئي ليقول كلمته النهائية ” يا دار لم يدخلك شر.. والرحمة للشهداء”.