قضايا اجتماعية

من قال أن البرازيل وحدها.. من يبحث بين العظام عن اللحوم

لم يتوقف الفقر يوماً عند حدود دولة بعينها، فما هو موجود بالبرازيل موجود بكل بلدان العالم.. وأن كورونا لم تعمق أزمات الفقراء في هذا العالم الرحب، بل ما يعيشه ملايين البرازيليين في فقر مدقع وصل بهم إلى الجوع، مما دفع بعضهم إلى البحث عن الطعام بأي طريقة كانت، يعيشه الملايين بل مئات الملايين على سطح المعمورة.

لعلنا نذكر فقط أن ما مجموعه  48 مليوناً من الفقراء يعيشون في أمريكا و12 مليوناً في فرنسا و6 ملايين في كندا ووفق دراسة في بريطانيا هناك 850ألف شخص يملك كل منهم مليون دولار أمريكي على الأقل.. بالمقابل يعاني من الفقر 28% من سكان لندن و39% من أطفالها. وهروب 1,5 عامل من هذه المدينة.. القضية برمتها عندما تغيب العدالة الاجتماعية، قبالة تغول الشركات المجرمة، لا مكان للفقراء سوى على المزابل وبقايا العظام.

ولعل الصورة التي التقطت مؤخراً من قبل المصور البرازيلي الشهير دومينيغوس بيكسوتو صورا مؤلمة، لفقراء يبحثون عن فتات اللحم وسط أكوام من العظام وبقايا جثث الحيوانات، كان لها صدى واسع في أنحاء أكبر بلد في أميركا اللاتينية… كانت مثلاً أو نموذجاً لسكان الأرض من الفقراء، الذين يموتون جوعاً أكثر من أي مرض أو جائحة قد تصيب البشرية..

وما نشرته وسائل الاعلام البرازيلية من صور، منها صحيفة “إكسترا” المحلية واسعة الانتشار، مع عنوان “البرازيل 2021.. ألم الجوع”، لن تتوقف عند إثارة موجة  الغضب عندهم وحدهم بل ستثير كل جياع البشرية.

وما قاله خلال جلسة استماع حول كارثة كورونا في البرازيل، السناتور اليساري أومبرتو كوستا إن صور بيكسوتو سلطت الضوء على “المأساة الاجتماعية التي تكشفت في عهد (الرئيس جاير يولسونارو). البطالة آخذة في الارتفاع. عدم المساواة آخذ في الازدياد. الفقر يرتفع. لقد عاد الجوع. هذا ما فعلته هذه الحكومة ببلدنا”.هي لب الحقيقة عند كل دول العالم.

بل ما قاله أحد سائقي الشاحنات، ويدعى خوسيه ديفينو سانتوس لـ”إكسترا”: “في بعض الأيام أريد أن أبكي. كان الناس في السابق يأتون إليّ ويطلبون قطع العظام لكلابهم، الآن يطلبونها لتحضير الطعام لأنفسهم”. إنه الواقع في أوروبا وآسيا وأفريقيا، بعظهم يعيش فقراً مقنعاً وبعضهم يعيشه  بفضيحة تحت عدسات المصورين ووسائل الإعلام.

وأما ما نقلته صحيفة “غارديان” البريطانية عن دينيس دا سيلفا، وهي عاملة نظافة تبلغ من العمر 51 عاما، إنها بحاجة إلى إطعام أبنائها الخمسة وأحفادها الـ12 الذين يعيشون ظروفا صعبة.

وتابعت: “مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيت بها القليل من اللحم. كان هذا قبل الوباء”. هذا ما قصدناه منذ البداية، ليس لكورونا دخلاً في الفقر الذي يميت البشرية.  من بين 736 مليون شخص من الفقراء فقرا مدقعا حول العالم عام 2015، كان 368 مليون شخص – أي نصفهم – يعيشون في 5 بلدان فقط. البلدان الخمسة التي لديها أكبر عدد من الفقراء فقراً مدقعاً هي (بالترتيب التنازلي):  الهند ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وبنغلاديش. كما أنها أكثر بلدان جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء من حيث عدد السكان، وهما المنطقتان اللتان تضمان معاً 85% من فقراء العالم (629) مليون شخص.

وبالمقابل يعاني نحو 19 مليون برازيلي من الجوع منذ بداية تفشي كورونا،الذي أودى بحياة نحو 600 ألف شخص في أنحاء البلاد.

والسبت خرج الآلاف إلى شوارع ريو دي جانيرو للتنديد بتردي الأوضاع المعيشية، ملقين باللوم على بولسونارو، الرئيس اليميني الذي كانت له آراء مثيرة للجدل بشأن “كوفيد 19”.

وألقى خوسيه مانويل فيريرا باربوسا، مصمم الديكور البالغ من العمر 63 عاما من الضواحي الشمالية الفقيرة لريو، باللوم على الرئيس في أزمة الجوع التي تعيشها البرازيل.

وقال أثناء مشاركته في الاحتجاجات: “الأمور صعبة حقا في الوقت الحالي. بعض الناس يأكلون العظام والبعض الآخر ليس لديهم ما يأكلونه على الإطلاق”.

كما أكد أليكس فريشيت، وهو فنان يبلغ من العمر 43 عاما كان يحمل إحدى لوحاته التي تظهر بولسونارو وهو يضحك بجانب 3 أطفال يمسكون بأوعية مليئة بالعظام: “إنه أمر غير إنساني”.