آراء

ما أشبه أمسنا بيومنا.. تغيرت الأسماء وبقي القاتل يتناسل صنوه

بقلم: عبد الكريم محمد

أن تكون حيادياً.. يعني أنك منافقاً، شيطاناً أخرساً.. إنها لعبة الأمم تطل برأسها من جديد، هذه المرة أبطالها وإن اختلفت الأسماء، هم سليلي ذاك الزمن الدامي.. زمن هتلر وموسليني وستالين وتشرشل و روزفلت وديغول وسطر ما شئت من الأسماء غير الحسنى.

صحيح أننا ابتعدنا فليلاً بالزمن عن ذاك الزمن، إلا أننا ما زلنا نعيش تلك المؤامرة، التي ما تزال تتناسلها العقول السوداء بين ثنايا تلافيفها، والتي على ما يبدو لا تقوى إلا على صناعة المؤامرة، لتحوّل الشعوب إلى قطيع أمام مسالخ أو مقاصل حقدهم.

بعضنا كان يظن أن الأسود والخلاسي والمتوسطي، هو الهدف في مؤامراتهم، دون الأبيض مورد الخدين صاحب الشعر الأشقر الذي تخاله خيوطاً من ذهب.. بل بعضنا، خاصة أولئك الذين قرؤوا كتاب ابراهام ليون “المسألة اليهودية” والغيتو، أن اليهودي هو الهدف؛ متناسين أن مئات الملايين قتل هؤلاء من أبناء جلدتهم.. لم يرف لهم جفناً ولم يهتز لهم ضميراً، ولم تذرف أعينهم دمعة على ذاك المشهد الدامي..

اليوم وبالأمس وقبل الأمس، هذا هو الواقع بلا محسنات بديعية، عالم مسعور حتى الثمالة، ورجالات خلف الستارة السوداء، يديرون الأرباح العابرة على سطح البحار والمحيطات، بعقلية المرابي المتآمر على كل حالم بيوم آخر..

هؤلاء همهم أو قل هاجسهم الدائم خلق الأزمات، مقابل رفع الأسهم في البورصات الوهمية الكاذبة القائمة على النصب والاحتيال، باسم ارتفاع وانخفاض الأسهم.. بل أن هؤلاء الحفنة القذرة، لم يفكروا يوماً بأن من يذبح في حروبهم المصنّعة من قبلهم، أو قل المعدة سلفاً باعتبارها ملفاً ينتظر من يرسمه دماً، هو أحد زبائنهم، وهم من أدخل مقولة “الزبون دائماً على حق”، ليجعلوا من كل الزبائن ولائماً لأمسياتهم الماجنة المشفوعة بالحسابات البنكية وحجم الأرباح، التي لا تعد ولا تحصى.

هؤلاء الذين لا يرون إلا نقطة النفط وحبة القمح ودواء المرضى ضالتهم، ليخرجوا عليك بالياقات من داخل شاشات الإعلامي المعد سلفاً لخدمة مصالحهم، يذرفون بعضاً من دموع التماسح، على من يعيشون تحت خط الفقر.. لتبقى اللعبة جوالة وسكاكينهم تجز كل سنة 38 مليوناً من المساكين المعذبين في الأرض.. بسبب فسادهم ونهبهم لشعوب الأرض قاطبة وبلا استثناء. حقاً ما أشبه الأمس بالغد غير المشرق وما أصغر أحلامنا، عندما نناقش الاشتراكية أو الليبرالية أو العدالة الاجتماعية..