آراء

ماذا يعني ترسيم الحدود في القانون الدولي ؟

بقلم: د.أحمد خليل الحمادي

ترسيم الحدود هو اعتراف متبادل ما بين دولتين بحدود كل منهما بحدود الأخرى الجغرافية بأبعادها السيادية الثلاثة البرية والبحرية والجوية كما نص على ذلك القانون الدولي، وستصبح هذه الحدود جزءا من القانون الدولي في حال خرق أي منهما لها، وفي حال الخرق يعتبر ذلك اعتداء صارخ على سيادة الدولة الأخرى، مما يمكن الدولة المعتدى عليها للتعامل مع انتهاك سيادتها بالوسائل التي تراها مناسبة، سواء عن طريق قوتها العسكرية وفي حال ضعفها وعدم قدرتها على الرد المباشر قد تلجأ للأمم المتحدة أو المحاكم الدولية ذات النفس الطويل أو تحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين كحال النظام الطائفي القاتل المجرم في تعامله مع الخروقات الإسرائيلية المتتالية البرية و الجوية وقصفها الشبه اعتيادي لمواقعه العسكرية والإقتصادية على امتداد الأراضي السورية مع تقديم شكاوي دون جدوى للأمم المتحدة.

ولكن ما هو حال لبنان مع ترسيم الحدود ؟
بالطبع ينطبق ما سبق ذكره على لبنان في حال تم التوصل لترسيم الحدود بينها و بين إسرائيل، وبذلك تعترف الجمهورية اللبنانية بإسرائيل اعترافا كاملا ويكون خط حدودها البرية ما يعرف بالخط الأزرق وتبقى إشكالية مزارع شبعا التي لم يبت بهويتها الوطنية بعد فيما إذا كانت لبنانية أم سورية، ويظهر بأنها ستبقى قضيتها معلقة حتى البت النهائي بمصير الجولان المحتل، أما الحدود البحرية فيظهر بأن هناك يلوح في الأفق سيولد قريبا حيث تنازل لبنان في المفاوضات عن الخط ٢٩ واكتفى بالخط ٢٣ وبذلك سيصبح الخط ٢٣ هو خط الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل وبهذا الحد سيصبح حقل كاريش النفطي والغازي إسرائيليا، بينما ستصبح حقول قانا التي يمر فيها الخط ٢٣ حقول مشتركة يتفق ما بين الطرفين لاحقا على كيفية التعاون بينهما لتقاسم الحصص.

و هنا يطرح علينا السؤال التالي نفسه :
هل ستلتزم إسرائيل بمتطلبات ترسيم الحدود و تمتنع عن انتهاك المجال الجوي اللبناني من قبل

طائراتها التي تسرح و تمرح كما يحلو لها فوق الأجواء اللبنانية ؟
لا أظن ذلك .
ولكن ما نتائج هذا الإتفاق والاعتراف المتبادل عما يسمى المقاومة و الممانعة ؟

ترسيم الحدود يعني كما قلنا اعتراف كل منهما بالآخر اعترافا تاما، فهذه لك وهذه لنا ويا دار ما دخلك شر، وبذلك تسقط ذريعة أساسية من يد ميليشيا حزب الله ومحورها ومطبليه بل تنسفه لنسف ذريعة وجوده، فالإتفاق يقول لهم : عمي كسرنا الدف وبطلنا نغني، فلقد رسمت الحدود واعترفت كل دولة بالأخرى، و كنتم تتذرعون كذبا وزورا وزيفا بأنكم تقاومون إسرائيل.

ولبنان اعترف بها ورسم حدوده معها وأنتم من خلال مشاركتكم في الحكومة والقرار السيادي اللبناني ساهمتم بذلك واشتركتم به، لذا لا داعي لشماعة المقاومة التي احترقت بشمعها وفتيلها، وكذلك حال المعادلة السياسية المعروفة بثلاثية الجيش والمقاومة والشعب، فلقد آن الأوان لحصر السلاح بيد الدولة، و أي سلاح خارج عن سلطتها هو سلاح غير شرعي ومن يمتلكه ميليشيا إرهابية خارجه عن سلطة الدولة ومتمردة على القانون الوطني وتختطف جزءا من صلاحيات الدولة وسلطتها، فلا سلاح شرعي في الدولة إلا سلاح الدولة وهي الموكلة بحماية حدودها وضبط أمنها الداخلي واستقرارها، ولن تسمح لأي سلاح آخر من قبل أي ميليشيا للإستقواء على أي مكون وطني آخر و تختطف الدولة و تجيرها لمصلحة إيران أو اي دولة إقليمية أخرى.

نعم هكذا سيتحول الخطاب السياسي والإعلامي اللبناني بعد ترسيم الحدود مع إسرائيل وكلي تفائل باستقرار لبنان ورفاهه بعد التخلص من شماعة إسرائيل ونزعها ممن يتاجرون بفلسطين و قضيتها اسميا، بينما حولت لبلداننا العربية في سورية و العراق و اليمن و لبنان لبحور من الدماء تحت عناوين طريق القدس يمر من حلب ، و تارة من صنعاء ، و تارة من بغداد ، و تارة من مكة والمدينة.

واليوم نعيم قاسم نائب حسن علاك الضاحية يهدد لبنان و اللبنانيين بقوة سلاحه الميليشياوي مغردا و قائلا :
يوجد احد رئيسين، رئيس تحدي يريد المواجهة وفرض رؤيته التي تتقاطع مع أمريكا وتخرب لبنان، ويوجد رئيس له رؤية وطنية منفتح ومرن ويعالج القضايا الشائكة بالحوار وليس مستسلما للأجنبي .

طبعا يقصد رئيس بالجيبة الصغيرة و رئيس طالع من القفة و قاعد على آذانها ( ليس من خلفهم ) .