بقلم: عبد الكريم محمد
كثرت الأقاويل والتكهنات، بل منهم من ذهب إلى آخر الطريق في القول، أن ثمة حلولاً ناجزة بطريقها إلينا.. حتى أن بعضهم قد رسم خارطة الطريق للمنطقة العربية برمتها، ليصل إلى قناعة مفادها أن الحلّ بات قاب قوسين أو ما ينوف قليلاً.
حقيقة لم يعد هناك مزيداً من المفاجآت، خاصة تلك المتعلقة بالحلول الوسط التاريخية، كما يقال؛ وأن العالم كله يتجه نحو المجهول، الذي يحمل بين ظهرانيه صراعات محمومة على كافة المستويات.. وأن الغنائم الكبرى غالباً ما يحصدها الأقوياء، ليبقى الضعفاء ككلاب شاردة، تنتظر ما قد يزيد عن الحاجة.. أو ما يرمى على المزابل من بقايا الولائم..
اليوم العالم الآخر القوي، يحاول جاداً ترتيب بيته الداخلي، ليظهر بحلة أخرى غير تلك المألوفة، ثعلب على هيئة حمل بلباس العيد، وناسك حسن المظهر بسبحة من بعر.. لحظتها سيبدأ الوهم عند أصحاب الأنوف الطويلة، الذين سيقولون عن الصفعة التي سيتلقونها بأنها مكرمة من السلطان، ظناً منهم بأنهم سيقوون على إقناع من حولهم بسهولة ويسر، أن حاجة الآخر ما تزال ماسة لهم..
بل أكثر من ذلك، سيشيّعون الكذبة الكبرى، القائلة أنهم البوابة الوحيد لهذا الكون، والتي لا يمكن لأحد على هذه المعمورة تجاهلها، أو حتى تخطيها.. أبعد من ذلك أنهم الرقم الصعب الذي لا يقبل القسمة إلا على نفسه.
ليكن بمعلوم هؤلاء الكل، أن الكون بدأ بطور آخر، وأن بنية العقل البشري الراهن، لم تعد تحتمل مثل هكذا تفكير وما قد ينتج عنه من كوارث لا تعد ولا تحصى، وأن الكذب والتلفيق أصبح خارج الوعي الإنساني..
فلا الاسلامفوبيا ستنفع ولا مقولات الإرهاب، ولا حتى التغني بالقيم وترهات الأخلاق المزعومة والديمقراطية وحقوق الإنسان.. لقد وصل العالم برمته، ليقبع على فوهة بركان يستحوذ على ذروة الكمون في أعماقة، إيذناً بلحظة انفجار مفاجئة قد تضع مستقبله على حافة الهاوية..
قد يبدو للبعض أن هذا الكلام مجرد تخرصات يطلقها البعض، وأن كل ما يقال هو مجرد أحلام يقظة، ترسم سيناريوهات من وهم أو سراب؛ بينما يرى بعضهم الآخر، أن العالم محكوماً بكل تفضيلة من تفصيلاته، وكل ما يشاع عن مخاطر، مجرد حالة عابرة من ذعر وقلة معرفة بهذا العالم الملظوم بخيط وإبرة، من قبل حكومة تقبع خلف الظل، لترسم ما تراه هي وحدها دون غيرها.
على كل حال، ثمة مثل يقول، مجنون قذف حجراً بالبئر ليعجز ألف عاقلة عن إخراجة، نحن اليوم نزعم أن المجنون قد قذف بحجره، وأن العقلاء أقل من أن يجدون الحلول لإخراج ذاك الحجر من البئر العميقة، التي لا أحد يقوى على إيجاد نهاية أو طريقة مجدية بعد، ليصل إلى تلك الحجر.