آراء

ليس من قبيل التندر.. العالم يتجه لأزمات غير منظورة

بقلم عبد الكريم محمد

درجت العادة عند الكثير من المتابعين والمهتمين، عندما تطالعهم أخبار الوضع الاقتصادي العالمي، سرعان ما يشيرون بأصابع  الشك وعدم الثقة لما يشاع أو يقال.. بل إن بعضهم، الآخر سرعان ما يحيلها إلى دائرة اللعبة المألوفة من الكبار باعتبارها ذراً للرماد  في عيون الصغار..

حقيقة الأمر، لم تكن الأزمات الاقتصادية ظاهرة وليدة الاضطراب المالي العالمي الذي انطلق في أمريكا عام 2007، مسببا زلزالاً اقتصاديا واسع النطاق، ولم تكن أيضا جديدة خلال الأزمة الآسيوية في التسعينيات.

الأزمة الاقتصادية لم تكن حتى شيئا جديدا خلال الأزمة الأقوى في العصر الحديث “الكساد الكبير”، الذي ضرب الاقتصاد العالمي في ثلاثينيات القرن الماضي، وكان له تداعيات ممتدة على دول العالم أجمع.

أي أن الأزمات الاقتصادية كانت وما تزال جزءا أصيلا من تاريخ البشرية، وساهمت في انهيار الإمبراطوريات التي عرفها الإنسان قديماً، وبعيداً عن الاضطرابات الناتجة عن سوء إدارة موارد البلاد، فحدوث أزمة اقتصادية أمر حتمي لا مفر منه، كل ما في الأمر أن أحدا لا يعلم متى وكيف ستحدث.

على أية حال، العالم مقبل هذه الأيام على اضطرابات حادة وغير مفاجئة، وسيكون المؤشر الحقيقي للأزمة في انهيار سوق الأسهم، ليقابله ارتفاع التضخم والبطالة، مع سلسلة من الإعلانات اليومية التي ستخبرنا عن حالات فشل البنوك.

كل هذا سيعكس بظلاله السوداء القاتمة، على الواقع الاقتصادي العام، وسيكون له تأثيرات شديدة وأنها ستؤدي بالضرورة إلى الركود”، عكس ما تشيعه التقارير الاقتصادية في الولايات المتحدة وغيرها.. بأن كل ما سيحصل من أزمات، ليس بالضرورة أن يدخل المجتمعات بحالة من الركود الاقتصادي.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشهد بلد مثل الولايات المتحدة، أزمة اقتصادية كل 10 سنوات أو قرابة ذلك، ويصعب تجنبها نظرا لاختلاف الأسباب في كل مرة؛ الأزمة المالية بين 2008 و2009 كانت سبب فشل البنوك ومشكلة الرهن العقاري، ثم في عام 2020 كان السبب جائحة كورونا.

أما هذه الأيام فالأزمة عامة، ستتجاوز أزمات الولايات المتحدة، لتطال العالم بكليته دون استثناء، حتى الجزيرة النائية في المحيط الهندي أو الهادي أو الأطلسي، وأن سببه سيكون بضعف القدرة الشرائية عند 90% من السكان على وجه الأرض، الأمر الذي سيؤدي إلى الكساد العظبم بعد أن كان يسمى في ثلاثينيات القرن الماضي بالكساد الكبير، وستصبح الفجوة سحيقة ما بين العرض والطلب..

الوقت لن يكون بعيداً، والأزمة أصبحت سوساً في بيوت الغرب المبنية بالخشب وبعض من زجاج.. فالقضية ليست من قبيل التندر والترف الفكري، بل سيدخل العالم أزماته الحادة، ليكون الاقتصاد المنزلي والعائلي حاجة ماسة.