عندما يتم تشخيص إصابة شخص ما بالخرف، فإن السؤال الشائع الذي قد تطرحه عائلاتهم هو: “كم من الوقت لدينا؟” كم من الوقت بقي قبل أن ينجرف أحباؤهم بعيدًا، بعد أن تتلاشى ذكرياتهم وتحدث الحيرة؟
قد تكون الإجابة عن هذا السؤال أمرًا صعبًا، حيث يتراوح متوسط العمر المتوقع بعد تشخيص الخرف من حوالي 3 إلى 7 سنوات، ويمكن أن يكون أكثر أو أقل اعتمادًا على عمر الشخص ونوع الخرف الذي أصيب به.
ومع ذلك، بشكل عام، يميل الأشخاص المصابون بالخرف إلى أن يكون عمرهم أقصر من الأشخاص الأصحاء، وتشير دراسة جديدة (نشرت على موقع “ساينس أليرت”) إلى أن هذا الأمر نفسه ينطبق على التوائم التي يكون أحد الأشخاص فيها مصابا بالخرف.
هذا الارتباط الغريب هو نتيجة دراسة كبيرة أجريت على مئات التوائم السويديين، حيث تم تشخيص إصابة أحدهما بالخرف والآخر لم يكن كذلك.
وتضمنت الدراسة أيضًا تحليلًا أكبر لما يقرب من 1000 شخص مصاب بالخرف، والذين تصادف أنهم توأم، وما يقرب من 3000 شخص أصحاء، وهم أيضًا توأمان، ولكن ليس بالضرورة أشقاء للأفراد المصابين.
ومن غير المستغرب أن الأشخاص الذين لا يعانون من الخرف عاشوا أكثر من أولئك الذين يعانون من هذه الحالة. علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن المصابين بالخرف عاشوا في المتوسط 7 سنوات بعد التشخيص، مما يؤكد التقديرات السابقة.
وبشكل غير متوقع، كان لدى أزواج التوائم المتطابقة متوسط عمر متوقع مماثل بعد تشخيص إصابة أحد الأشقاء بالخرف.
تشير النتائج إلى أن الخطر المتزايد لقصر العمر المرتبط بالخرف قد يمتد إلى توأم الشخص غير المتأثر معرفيًا، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير الجينات (على عكس المرض نفسه أو العوامل البيئية) في وفاتهم المبكرة.
يوضح جونغ يون جانغ، الباحث الطبي في جامعة كاليفورنيا إيرفاين والمؤلف الرئيسي للدراسة: “لقد افترضنا أن السبب وراء انخفاض متوسط العمر المتوقع للشخص المصاب بالخرف هو أن الخرف يؤدي إلى حالات طبية أخرى تؤثر على الوفيات”.
وأضاف يون جانغ: “ما نراه بدلا من ذلك هو أن زيادة خطر الوفاة لا يرجع إلى الخرف نفسه فحسب، بل أيضا إلى مجموعة كاملة من التأثيرات الأخرى التي يجلبها الشخص إلى مرضه”.
استمدت الدراسة بيانات من سجل التوائم السويدي، وهي دراسة كبيرة شملت أكثر من 45000 توأم سويدي.
شمل التحليل الرئيسي الذي أجراه جانغ وزملاؤه 90 زوجًا من التوائم المتماثلة، و288 زوجًا من التوائم غير المتماثلة، و5 أزواج توأم من ذوي الزيجات غير المعروفة، حيث يعاني أحد التوأمين من الخرف والآخر لا يعاني.
تعتبر دراسات التوائم “تجارب” طبيعية مفيدة بشكل لا يصدق، حيث يمكن للباحثين طرح أسئلة قد تكون مستحيلة، حول مدى تأثير عوامل الوراثة أو نمط الحياة على صحة شخص ما.
يولد التوائم في الوقت نفسه، ويتشاركون في الغالب التسلسل الجيني ذاته، لكن تعرضهم للتأثيرات البيئية وأنماط الحياة قد يختلف بعد الطفولة، وكذلك صحتهم.
في تحليل لاحق، كان الشخص السليم الذي يعاني توأمه من الخرف أكثر عرضة بشكل طفيف لخطر قصر العمر مقارنة بشخص من زوج لم يتم تشخيص إصابة أي من توأمه بهذه الحالة.
ويشير هذا إلى أن خطر قصر العمر المرتبط بالخرف هو أمر عائلي جزئيا، وهو مماثل بين الأشقاء التوأم المتماثلين، ولا يرتبط فقط بالمرض نفسه.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية: “على الرغم من أن التوائم المتطابقة مع توائم مصابة بالخرف قد لا يعانون من الخرف أبدًا، إلا أنهم أيضًا قد يكون عمرهم أقصر”.
في حين أن عدد التوائم في هذه الدراسة كبير، إلا أنه يمكن تعزيز النتائج إذا تم تكرارها في سجل توائم آخر من خارج السويد. الجزء الأكبر من حالات الخرف المشمولة في التحليل كانت من مرض ألزهايمر، لذلك قد تختلف أنماط العمر المتوقع بالنسبة للأشكال الأخرى من الاضطراب.