عربي

لبنان ذاهب إلى الجحيم.. وعون بين ناري المصالح الشخصية والهوية الطائفية

إعداد: عبير شهابي

مثلما كان عليه الأمر قبل الحرب الأهلية بسيطرة المارونية السياسية، يعيش لبنان كل هذه التداعيات هذه الأيام مع إضافة شكل احتلالي يمارسه حزب الله باعتباره قائد لما يسمى بالشيعية السياسية.. هذه الحالة لا يمكن أن يحتلمها الوضع اللبناني، إلى مديات مجهولة لا نهاية لها.. خاصة وأن لبنان ارتضى لنفسه طريقة نهائية في العيش المشترك، ترتكز بكليتها على المحاصصات الطائفية..

ولعل ما نشهد تداعياته هذه الأيام، أبعد من مشكلة انعقاد جلسة حكومية، و ذاك الخلاف الذي طفا على السطح بين “حزب الله” وحليفه “التيار الوطني الحر”، لا سيما في ضوء ما نقل عن لسان مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي “واصلة معنا لراس مناخيرنا من حزب الله” بحسب الـ “ام تي في:، في دلالة على استياء من موقف الثنائي الشيعي داخل الجلسة الاخيرة للحكومة على خلفية الموقف من المحقق العدلي طارق البيطار، وقبله موقف الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، واعتبر عون و”التيار” ان “حزب الله” ذهب بعيداً ورفع سقف المواجهة بما صعّب ايجاد المخرج. ردّ “حزب الله” على كلام جريصاتي جاء مماثلاً حيث علقت مصادر مطلعة بالقول ان “حزب الله هو من وصلت معه لراس مناخيره وليس العكس”.

توتر على جبهة الحلفاء فرض تدخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتليين الاجواء في ما بينهم، وايجاد المخرج المناسب لمسألة تنحية القاضي طارق البيطار عن ملف التحقيق بانفجار المرفأ. كل الاقتراحات باءت بالفشل بما فيها الصيغة التي طرحها وزير العدل هنري خوري. وقد وجد مجلس الوزراء نفسه امام مخاض عسير فكان الحل بتأجيل الجلسة عوض تفجير المجلس برمته. فهل يفجّر ملف البيطار حكومة ميقاتي؟

 توافق رئيسا الجمهورية والحكومة على ان “حزب الله” رفع سقف المواجهة مع المحقق العدلي الى حد الإحراج. فرئيس الجمهورية ميشال عون لم يتوانَ عن التعبير عن استيائه لتعاطي وزير الثقافة خلال الجلسة وطريقة مخاطبته رئيس الجمهورية، والاصرار على تكراره عبارة “من أمثل” ما دفع عون للقول “اعرف من تمثل واي جهة تمثل ويجب الا نهدد بالشارع فلكل شارع شارع آخر بالمقابل”.

 استغربت مصادر حكومية ان يفرض على الحكومة اتخاذ موقف من قضية شعبوية بهذا الحجم، بغض النظر عما اذا كان عمل البيطار صواباً ام خطأ، فالطريقة التي تم التصرف خلالها في مجلس الوزراء لا تليق بحكومة يفترض ان تحظى بثقة الداخل والخارج.

 واعتبر عون و”التيار الوطني الحر” أن لا وسيلة قانونية لكف يد البيطار، فإما ان يتنحى من تلقاء نفسه او من خلال قبول المحاكم بالدعوى ضده. ضمناً يعتبر الطرفان ان الموضوع بالغ الحساسية مسيحياً، في المقابل يتجنب عون التصادم مع حليفه بدليل مسارعته الى ارجاء الجلسة، في محاولة لايجاد مخرج بعد التواصل مع الثنائي الشيعي.

كشف ما حصل عن أزمة ثقة حقيقية بين الثنائي الشيعي ومن يقف وراء المحقق العدلي. والمقصود هنا ليس “التيار” ولا عون حيث تجزم مصادر مقربة من الرئاسة الاولى ان عون لم يسمع صوت البيطار ولم يقابله في حياته ولا يعرفه، انما الكلام عنه بدأ يأخذ أبعاداً بعد ان سمع مخاوف الشيعة انه بوارد اتهام “حزب الله”.