ثقافة

لا تسأل عن من يحبك.. فالأرواح جنود مجندة

بقلم: عبد الكريم محمد

سأل المريد في لحظة صفاء الناسك الهرم، هل تحبنا بالتساوي أيها الأب المعلم.. انتظر برهة ليجول بناظريه على كل من كان جالساً بحلقته.. بعدها تجاوز سؤال المريد، ليكمل عن ما كان يتحدث عنه بإسهاب منقطع النظير..

كان الحديث يدور عن عالم الأرواح، حينما تخرج من سجنها في الأبدان المتعبة، والنفوس المتصارعة مع كل شيء، حتى مع لحظات التامل، والدخول إلى عالم المجهول..

لم ينس الناسك سؤال المريد، ليعود له كالعادة بسؤال، ما الذي دفعك يا بني لطرح مثل هذا السؤال؟!!

بطيب ومن غير دراية، قال غالباً ما أسمع أمي والناس من حولنا، يطرحون هذا السؤال، بشيء من الشك والريبة.. وما أن يجيب أحدهم بالايجاب والتودد والرضى، حتى نرى نظرات التكذيب جاهزة لتنطلق كسهام الصياد، الذي يحب الانتقام من الفريسة..

فهم الناسك اليقظ ما قصده المريد بطيب خاطر، ليجيب لكل المريدين بالقول:” انتبهوا يا أبنائي إلي جميعاً، وما سأقوله لكم، بل أتمنى أن يكون قولي زوادة لا تنضب لتحملوها معكم إلى آخر العمر”..

يا أبنائي كل شيء خلق بقسط  وبمقدار، وكل شيء قابل للزيادة والنقصان، ما غاب شيء إلا حل الشيء مكانه، وعندما يأتيك مثل هذا السؤال، افحص سريرنك فهي وحدها من تجيبك..

يا أبنائي الأعزاء، لطالما كانت ترحل الأرواح إلى من تحبهم، عليكم أن تقتنعوا ما ذهبت أو هامت روح، إلى روح غير هائمة يوماً.. لا تسألون عن من يحبكم، طالما كانت وستبقى الأرواح جنود مجندة..

يا أبنائي قد يقال وقيل ذات يوم “الأذن تعشق قبل العين أحيانا”، قل هي النفس ترق أو رقت لما يشبه العشق أو الهيام، فالأرواح هي من تعشق وتهيم ليلاً على المحبين.. والكبد كرسي وصولجان لهذا الحب.. لذلك قالت الأعراب يوماً يا كبدي، ومنهم من قال:” يا بعد كبدي”.

اسـالوا أرواحكم، قبل أن تسألوا من تتصورن أو تعتقدون بأنكم تحبون، كل شيء في الجسد سيخون صاحبه يوماً، إلا الروح لم تخلق لتخون أصحابها، فهي نفخة أبدية لن تخون أبداً.