بقلم: عبد الكريم محمد
لا تصنعوا من البشرية أنصاف آلهة على هذه الأرض، فتاريخ البشرية يدمي صفحاته ويلحق بها الخزي والعار.. هذه البشرية مذ خلقت كانت وما تزال مسعورة تشدها الحلول الفردية، لتجعل منها قطعاناً مسعورة..
تشدها غريزة القطيع التي تتوالد كابراً عن كابر، لتنتج على هذه الأرض صنوها، من النظم والجيوش والأفكار والقيم، التي تبنى على أساس القوي بأكل الضعيف، وتعتبر الاصطفاء الطبيعي منّة على من يقع عليه الحيف مكرهاً.
فالبشر ليسوا أنصاف آلهة ولا يختلفون كثيرا عن قانون الغابة، سوى بشيء من تقعير الكلام وتهذيب الأشكال، وقد تكون مثل هكذا سلوكيات، للبحث عن الفرص والخديعة لا أكثر.. هذه البشرية هي وحدها المسؤولة عن انتاج وتطوير أدوات القتل، وحدها مسؤولة عن انتاج الظالم لتقع في شركها قبالة ذلك المظالم.
فالقوة ليست مغنماً ولا الضعف مغرماً ولكل شيء نهاية، فلنبحث في صفحات التاريخ الصدئة المرمية على الرفوف وفي الأدراج المغبرة، سنجد أن الأقوياء والضعفاء، قد ابتلعتهم الأرض، وتساوى الظالم والمظلوم، والقاتل والضجية، والغادر والمغدور.
لكن الشيء الذي نتجاهله أو نجهله، لا أعرف، أن الواحد منا اثنان أو ثلاثة أو حتى أكثر بكثير، وأن أعظمنا من يعيش واحداً متصالحاً مع ذاته وينام في لحده واحداً لا أكثر.. المهم أن لا تفكروا في صناعة أنصاف الآلهة، خاصة وأننا نستحضر ما نخاف منه خلسة في الذاكرة، ليعيش أمنية ترافقنا ما حيينا.