آراء

كتب الحمادي.. لم يعد أمسهم مثل غدهم.. كل شيء قد تغير

بقلم: د. أحمد خليل الحمادي

كاتب وباحث

ربما ما حدث البارحة وما قبلها في بيروت خاصة و لبنان عامة من مظاهر احتجاجية مسلحة وغير مسلحة بتحريض واضح وجلي من خلفه حزب الله، بدأ في التهديد والوعيد في مجلس الوزراء يوم الأربعاء حيث فجر أحد مندوبي الحزب اجتماع الحكومة في محاولة لطمس بصمات الحزب في انفجار مرفأ بيروت.

وكأنه يقول : (إذا لم تنفذوا ما نريد في هذا الاجتماع غدا الخميس سترون ما لا يسركم )، وبالفعل جاء الخميس و بدأ استعراض الاتباع احتجاجهم المدجج بالسلاح للخلاص من التوجهات القانونية للمحقق العدلي طارق بيطار، الذي وضع خطواته الجدية لكشف المستور في التحقيق بخفاياه و استدعاء بعض رموز حزب لله للتحقيق معهم؛ على خلفية انفجار المرفأ.. ومنهم الوزير حسن علي الخليل وسيتبعه استدعاءات لاحقا لتشمل غيره و ربما اكثر ثقلا في الحزب .

و لكن التفكير المتغطرس المهيمن لم يحسب حساب المفاجأة، حيث تمت مواجهة ( السلاح و استعراض القوة بالسلاح) سلاح ميليشيا علاك الضاحية وأمل بسلاح القوات اللبنانية، حيث سقط لهما سبعة قتلى و عشرات الجرحى، معيدا للأذهان سيناريو ٧ أيار ٢٠٠٨ م ما حدث في بيروت والجبل على خلفية قراري الحكومة اللبنانية، مصادرة شبكة اتصالات الحزب و إقالة قائد جهاز الأمن في مطار رفيق الحريري الدولي، مما أدى بميليشيا حزب الله لأفتعال أحداث ٧ أيار ضد قوى ١٤ أيار مما أدى لسقوط عشرات القتلى و الجرحى في كلا الطرفين ( تحالف ٨ آذار و تحالف ١٤ آذار ) .

ما من شك بأن، ميليشيا حزب الله بجناحيها السياسي و العسكري ميليشيا طائفية مقيتة على استعداد التضحية بلبنان ومصالحه من اجل تحقيق مصالحها، المرتبطة مباشرة و بشكل عضوي مع المصالح الإيرانية في المنطقة.. بل جندت نفسها كقوة تابعة في المشروع الطائفي الإيراني المعروف بمشروع ولاية الفقية لخدمة المشروع و تنفيذه على أرضنا و على حساب مصالحنا الوطنة و القومية.. وأن هؤلاء وأمثالهم في منطقتنا من حركة أمل و حوثيين و حشد شعبي عراقي و حزب الله العراقي و كل الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة هم جنود و مقاتلين لتحقيق مشروع ولاية الفقية و إقامة الدولة الطائفية الشيعية على أنقاض أوطاننا المدمرة.. بعد أنهار الدماء و الخراب و التهجير و التفقير و التضييق على سكانها .

وبالعودة لأحداث الخميس و ما سيتبعه في بيروت هل سينتج عنها طمس معالم جريمة مرفأ بيروت و تهمل و تطوى دون الوصول لمسببيها تنفيذا لمشيئة ميليشيا حزب الله؟ طبعا الإجابة تبقى مرهونة بالمواقف التي ستتخذها الحكومة اللبنانية و القضاء اللبناني وإرادتهم في محاسبة الفاعلين و المسببين.

والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه هنا: هل أحداث الخميس ستشكل نقطة البداية للتخلي عن الثنائية العسكرية اللبنانية المعروفة ( الجيش و المقاومة ) المكروة لبنانيا و المفروضة بقوة السلاح و هيمنته بعد تجريد لبنان من أي سلاح آخر غيرهما؟

هذه الثنائية التي شرعت وجود سلاح حزب الله للظهور العلني و جعلت من أي سلاح آخر غير شرعي و خارج عن القانون، و يقوم الفاعلون سياسيا في لبنان بفتح ملف سلاح حزب الله و السلاح الآخر الغير شرعي قانونيا، خاصة مع ظهور قوة قد تكون موازية او قادرة على مواجهة ذاك السلاح وهو سلاح القوات اللبنانية، الذي قد يؤدي لاستحضار قوى أخرى تتعطش للخلاص من الهيمنة الشيعية في بلد تتقاذفه مضاعفات الحرب الأهلية اللبنانية بلبوسها الطائفي و عانت من آثارها و مازالت حتى الآن منذ انفجار باص عين الرمانة و جراحه النازفة للخميس الماضي الذي شهد إعادة تفجر المشهد مجددا في الطيونة و الشياح و عين الرمانة .

أسئلة من الصعوبة الإجابة عنها و لكن لابد للشعب اللبناني و حكومته من العمل جديا ليكون القانون هو الحكم الفصل و لتكون شرعية الدولة هي الشرعية الوحيدة على القادرة على حل مسالة تعدد حمل السلاح و تقرير بان السلاح الوحيد هو سلاح الجيش الوطني اللبناني و هو الأداة العسكرية بيد الدولة، وكل سلاح آخر هو سلاح غير شرعي و خارج عن القانون وخاصة إذا كان هذا السلاح تابع و ذيل و امتداد و اداة تنفيذ لسلاح و مشروع إقليمي إيراني يحاول إقامة أمجاده على أنقاض لبنان و المنطقة .

لنرى ما سيجري و لكن أرى بأن ما سيجري في هو تسوية اللاغالب و اللامغلوب مع الحفاظ على أسس الطائف بعد الحرب اللبنانية ١٩٧٥م وأتفاق الدوحة ٢٠٠٨ م بعد اقتتال ٧ آيار من نفس العام، و لكن سيكون بعلم حزب الله و أمل بأن ما قبل الخميس ليس كما بعده.