قضايا اجتماعية

في سنوية الألم الدامي.. هجرة اليهود التحول الأخطر فى تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني.. فيديو

لم تقتصر التداعيات الإستراتيجية لطوفان الأقصى على مستوطنات غلاف غزة ، الذي حلت ذكراه الأولى أول أمس على ضرب نظرية الردع والأمن الإسرائيلية في مقتل، بل امتدت آثاره لتشمل أيضا زيادة وتيرة “الهجرة العكسية” من إسرائيل إلى الخارج، بحثا عن الأمن والاستقرار.

وتشكل “الهجرة العكسية”خطرا وجوديا على إسرائيل التي تقوم بالأساس على سياسة الاستيطان الإحلالي التهويدي، من خلال جذب اليهود من مختلف أنحاء العالم ، وفي الوقت ذاته الضغط بكل الوسائل بما فيها المجازر اليومية لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم بهدف تصفية القضية الفلسطينية.

ومنذ اندلاع الحرب فى غزة في السابع من أكتوبر الماضي، “انقلب السحر على الساحر”،حيث غادر آلاف الإسرائيليين مستوطنات غلاف غزة المحاذية للقطاع باتجاه تل أبيب ووسط البلاد ، كما غادر آلاف آخرين بلدات ومدن الشمال المحاذية للحدود مع لبنان هربا من هجمات حزب الله الذي أعلن في الثامن من الشهر نفسه استهداف مواقع الجيش الإسرائيلي في المنطقة، إسنادا لغزة.

بالتزامن مع ذلك ، سجلت “الهجرة العكسية” من إسرائيل زيادة كبيرة – وفقا للإعلام العبري – الذي أشار إلى أن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية (حكومية) لا تكشف عن الأعداد الحقيقية لهذا النوع من الهجرة ، كما طرح تساؤلات حول الشفافية في الإحصائيات المعلنة.

ويرى مراقبون للشأن الإسرائيلي أن ثمة أسباب كثيرة تقف وراء “الهجرة العكسية” التي تزداد في أوقات الحروب والأزمات أو تلك التي تتعلق بغلاء المعيشة والبحث عن فرص عمل خارج إسرائيل ، فضلا عن حالة الإحباط التي يشعر بها البعض بسبب سياسات حكومة اليمين بزعامة بنيامين نتنياهو .

ووفقا لهؤلاء المراقبين ، فإن السبب الأبرز للهجرة العكسية، يعود إلى فقدان الإسرائيليين لشعور الأمان بسبب عمليات المقاومة الفلسطينية بعد “طوفان الأقصى”، يلي ذلك أسباب سياسية أبرزها تخوفهم من اعتماد حكومة نتنياهو على أحزاب التيار الديني واليمين المتطرف.

وكشف استطلاع للرأي، نقلت نتائجه قناة “كان” التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية في 6 أكتوبر الجاري أن “حوالي ربع الإسرائيليين فكروا في الهجرة للخارج بسبب الأوضاع السياسية والأمنية في أعقاب هجوم حماس.

وأظهر الاستطلاع، أن “23 في المئة من الإسرائيليين “فكروا خلال العام الماضى منذ أكتوبر 2023 حتى أكتوبر 2024، في مغادرة البلاد، بسبب الوضع السياسي والأمني الراهن”.

وبحسب الاستطلاع، قال 67 في المئة من الإسرائيليين إنهم لم يفكروا في مغادرة البلاد، فيما رفض الباقون الإجابة.

وأفاد الاستطلاع، أن 14 في المئة من مؤيدي الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو، فكروا بالمغادرة، مقابل 36 في المئة من مؤيدي أحزاب المعارضة الذين قالوا أيضا إنهم فكروا بالهجرة للخارج.

وأشار إلى أن العلمانيين أكثر ميلا للمغادرة، مقارنة باليهود الحريديم (المتدينين).

وذكرت القناة الإسرائيلية الرسمية، أن معدل الهجرة السلبية في إسرائيل كان واضحا حتى قبل نشوب الحرب الأخيرة في أكتوبر 2023، حيث كان عدد المغادرين يفوق عدد المهاجرين الجدد خلال السنوات الأخيرة.

وأشارت إلى أنه على الرغم من عدم توفر بيانات رسمية للسنة الحالية (2024)، يبدو أن هذا الاتجاه مستمر (الهجرة السلبية)، ما يشير إلى مشكلة أكبر قد تتفاقم إذا لم يتم التعامل معها بجدية.

وفي أعقاب انتخابات الكنيست (البرلمان) في نوفمبر 2022 والتي بمقتضاها تم تشكيل حكومة نتنياهو التي وصفت بأنها الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، وضمت عتاة المتطرفين مثل بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الحالي (حزب الصهيونية الدينية) وإيتمار بن غفير وزير الأمن القومي (حزب القوة اليهودية) ارتفع عدد الإسرائيليين الذين يسعون للحصول على الجنسيات الأوروبية بشكل ملحوظ.

وأفادت وسائل إعلام عبرية أنه تم تسجيل أعلى معدل لتقديم الإسرائيليين على الجنسية الفرنسية، بزيادة نسبتها 13%. ولوحظت أيضا زيادة في نسبة طلبات الهجرة لدول الاتحاد الأوروبي عموما، إذ سجَّلت السلطات في البرتغال زيادة 68% في طلبات الجنسية من إسرائيليين، وسجَّلت السلطات البولندية والألمانية زيادة 10% .

كما سجلت “الهجرة العكسية” ارتفاعا ملحوظا مع اندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة نتنياهو خلال محاولتها الانقلاب على السلطة القضائية في عام 2023 ، قبل أن تفاجأ بـ “طوفان الأقصى”.

وبحسب صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، فإن عدد اليهود الذين غادروا الدولة العبرية حتى عام 2020 وصل إلى 756 ألفا للعيش في بلدان أخرى، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وعدم المساواة والإحباط بسبب تعثر مسار السلام، بالإضافة إلى تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية ، ثم ارتفع العدد إلى 900 ألف بنهاية عام 2022.

في مقابل ذلك ، وصلت الهجرة إلى إسرائيل إلى أعلى مستوياتها خلال عام 2022، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير من هذا العام ، وما تبعها من عقوبات اقتصادية على موسكو ، دفعت الآلاف اليهود الروس للهجرة إلى إسرائيل.

وحسب احصائيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، هاجر لإسرائيل في عام 2022 نحو 74 ألف شخص معظمهم من روسيا وأوكرانيا، وهي زيادة كبيرة مقارنة بعام 2021 الذي استقبل فيه نحو 28 ألف مهاجر جديد.. وفي الأشهر الستة الأولى من عام 2023 ، هاجر إلى البلاد نحو 34 ألف شخص.

وبحسب هذه البيانات ، فإن 61% وصلوا من روسيا، و20% وصلوا من أوكرانيا، و3% من بيلاروسيا، ونحو 2% من جمهوريات مجاورة أخرى، كما أن 4% من إجمالي المهاجرين وصلوا من الولايات المتحدة، و3% من فرنسا.

ولكن تلك الأعداد على ضخامتها تظل أقل من توقعات حكومة نتنياهو بالنظر إلى وجود أكثر من 200 ألف يهودي في أوكرانيا وأكثر من نصف مليون في روسيا يحق لهم الهجرة بموجب ما يسمى “قانون العودة” الذي أقر في يوليو 1950 ويعطي لكل يهودي حول العالم حق الهجرة إلى إسرائيل والاستقرار فيها والحصول على الجنسية .

ومنذ بداية الحرب على غزة، أفادت وسائل إعلام عبرية نقلا عن بيانات سلطة السكان والهجرة التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية أن حوالي 370 ألف إسرائيلي غادروا البلاد ، منهم أكثر من 230 ألفا منذ بداية الحرب وحتى نهاية أكتوبر الماضي ، ونحو 140 ألفا آخرين خلال نوفمبر الماضي 2023 .

في المقابل ، هاجر في الفترة من 7 أكتوبر الماضي إلى 29 نوفمبر حوالي ألفي شخص إلى إسرائيل”، أي نحو ألف مهاجر شهريا مقابل “نحو 4500 شهريا في المتوسط منذ بداية عام 2023 حتى اندلاع الحرب”، ما يمثل انخفاضا بنسبة تزيد عن 70%.

وبحلول يونيو 2024 ، ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” نقلا عن بيانات سلطة السكان والهجرة، أن نصف مليون إسرائيلي غادروا بالفعل البلاد ولم يعودوا في الأشهر الستة الأولى من الحرب، ولا يُعلم ما إذا ما كان ذلك قرارا مؤقتا أم أنه سيتحول إلى هجرة دائمة.

وأشارت إلى أن عدد أصحاب الجنسية الإسرائيلية الذين غادروا بشكل دائم بعد “طوفان الأقصى” ارتفع بشكل كبير في الشهر الأول من الحرب، ثم انخفض العدد نسبيا في الأشهر التالية.

وفي تقرير تحت عنوان “في إسرائيل وخارجها: اليهود يغادرون منازلهم بحثاً عن أماكن أكثر أماناً”، عرضت صحيفة “هآرتس” العبرية الخاصة قصصاً لأشخاص تركوا إسرائيل؛ إما بسبب الحرب أو بسبب تراجع الديمقراطية.

وكشفت الصحيفة في التقرير الذي نشرته في 11 سبتمبر الماضي عن تزايد ملحوظ في عدد اليهود الذين يغادرون إسرائيل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بحثا عن أماكن أكثر أماناً، واصفة ذلك بأنها “عودة إلى التِيهِ من جديد”.

ويحمل ملايين الإسرائيليين جنسية مزدوجة، ويملكون جنسيات اخرى إلى جانب الجنسية الإسرائيلية.

وبحسب بيانات صادرة عن “الوكالة اليهودية”، في 2 أكتوبر الجاري، فإن عدد اليهود في العالم بلغ 8ر15 مليون نسمة عشية رأس السنة اليهودية، وفقاً لما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن الوكالة.

وأضافت الوكالة – ومقرها مدينة القدس- أن من بين هؤلاء الـ15.8 مليون، يقيم 7.3 مليون يهودي في إسرائيل، مقارنة بـ7.2 مليون في العام الماضي. ومن بين 8.5 مليون يهودي يعيشون خارج إسرائيل، فإن أكبر مركز سكاني يهودي هو الولايات المتحدة، التي تضم الآن 6.3 مليون.

ويعيش 2.2 مليون يهودي متبقون في دول أخرى، حيث يوجد أكبر عدد من اليهود في فرنسا وكندا، حيث يبلغ عددهم 438 ألفاً، و400 ألف على التوالي.

بعد إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وكندا، فإن الدول العشر التي تضم أكبر عدد من السكان اليهود هي المملكة المتحدة (313 ألفاً)، والأرجنتين (170 ألفاً)، وألمانيا (125 ألفاً)، وروسيا (123 ألفاً)، وأستراليا (117 ألفاً)، والبرازيل (90 ألفاً)، وجنوب أفريقيا (49 ألفاً)، والمجر (45 ألفاً)، والمكسيك (41 ألفاً)، وهولندا (35 ألفاً).

وقالت الوكالة اليهودية – التي تعد أكبر منظمة يهودية في العالم ، وتساعد اليهود على الهجرة إلى إسرائيل – إن الإحصاءات تستند إلى التعريف الذاتي باليهود، أو وجود أحد الوالدين على الأقل من اليهود، وعدم الانتماء إلى دين آخر.

وكانت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط قد دفعت شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل ، ومنها شركتا “يونايتد إيرلاينز” و”دلتا إيرلاينز” الأمريكيتان،والخطوط الجوية البريطانية “بريتش آيروايز” والأذربيجانية و”أذربيجان آيرلاينز” وشركة “لوفتهانزا” الألمانية وهو ما أثر على حركة السفر من الدولة العبرية وإليها .

وعلى خلفية التصعيد مع لبنان، علقت شركة يونايتد إيرلاينز، ومقرها شيكاغو، رحلاتها إلى تل أبيب في المستقبل المنظور لأسباب أمنية. فيما أوقفت شركة الطيران الأمريكية “دلتا إيرلاينز” رحلاتها بين نيويورك وتل أبيب حتى 31 ديسمبر.

وألغت وحدة ترانسافيا للطيران منخفض التكلفة التابعة للمجموعة الفرنسية الهولندية الرحلات من وإلى تل أبيب حتى 31 مارس 2025.

وعلَقت شركة الطيران الهندية “إير إنديا” رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى إشعار آخر، فيما ألغت الخطوط الجوية البلغارية رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى 15 أكتوبر الجاري .

وألغت شركة “كاثي باسيفيك”، (مقرها هونج كونج)، جميع رحلاتها إلى تل أبيب حتى 27 مارس 2025.

وقال متحدث باسم الشركة البريطانية للطيران منخفض التكلفة “إيزي جت” إنها أوقفت رحلاتها من تل أبيب وإليها في أبريل ، وستستأنفها في 30 مارس 2025.

وألغت شركة فيولينغ الإسبانية للطيران منخفض التكلفة المملوكة لآي.إيه.جي رحلاتها إلى تل أبيب حتى 12 يناير 2025 مع إلغاء الرحلات الجوية إلى عمّان حتى إشعار آخر.

وقالت مجموعة الخطوط الجوية الألمانية “لوفتهانزا”، إنها علقت جميع الرحلات الجوية إلى تل أبيب وطهران حتى 14 أكتوبر الجاري،كما ألغت أكبر شركة للطيران منخفض التكلفة في أوروبا “رايان إير” رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى 26 أكتوبر الجاري بسبب “قيود تشغيلية”.