بقلم: عبد الكريم محمد
يالا سخرية الأشياء وسخرية الشعارات وسخرية الادعاءات، بل وسخرية التكاذب، عندما تجد ثمة عمى طائفي عند فئة أو جماعة دينية، لتطلب من الآخرين أن يتوقفوا عن مثل هذه القناعات..
من يقف ليسوق عقيدته على أنها الأصح، ويجعل من الخالق ملكاً متوارثاً له ولاتباعه، ويحارب الناس انطلاقاً من مقولة إحقاق الحق المطلق، الذي يمتلكه هو على حساب الآخر، عليه أن يتحمل النتائج التي قد تكون أقوى بارتدادها مما يتوقع..
وأن من يمارس المذابح الطائفية، أياً تكن ديانته وأياً تكن العقائد التي يحملها، لا يحق له اتهام الآخر بمعزل عن طريقته في مواجهته بالإرهاب والمروق.. لأن كل طائفي هو إرهابي مارق وهو مجرم لا يؤمن بالشراكة مع الآخر.. ولا يؤمن بالعيش المشترك..
ما يجري على هذه الأرض قاطبة، أو قل إذا شئت، ما يحكم العلاقات القائمة على وجه الأرض قاطبة، تحكمها الغرائز العرقية والقيم الدينية المتطرفة، فالكل يرى الكل أقل منه عرقياً، بل إن الكل يرى بالكل كافراً باعتباره وحده من امتلك ناصية الإيمان..
فلا المسيحي يؤمن بالمسيحي الآخر، ولا اليهودي يؤمن باليهودي الآخر، ولا المسلم يؤمن بالمسلم الآخر، وكل هؤلاء لا يؤمنون ببعضهم البعض، ولا يؤمنون بالديانات الوضعية، التي قامت على جنبات مجتمعاتهم.. بالمقابل تجد أبناء الديانات الوضعية، ومنهم من يسميها الباطنية، يجدون بكل هؤلاء مارقين على القيم الربانية، وأنهم وحدهم من يمتلك سر الحقيقة..
المهم بالأمر، أن البشرية مارقة ومنحطه، والقيم والقناعات التي تحملها قيماً هابطة ومنحطة، فالقوي يقنل الضعيف، والغني يمعن في قتل الفقراء عبر العمل على ديمومة افقارهم، والعرق الواسع ينتظر لحظة الانقضاض على الأعراق الأخرى المتنحية أو المستعبدة..
والغريب غير المفسر في معظم الأحيان، أن الكل يمتلك الحجة في اقناع أتباعه بدفعهم إلى الموت المجاني، لتستفيد فئة متحكمة برقاب هؤلاء القطيع الواسع.. والتي تتبربع على عروش تفتقد إلى أية مضامين إنسانية أو أخلاقية حتى.
المهم بالأمر على البشرية جمعاء أن تدرك، أن البشاعة والحقد والمروق، لا يمكنها أن تمرّ عفو الخاطر، وأن كل باحث عن شعار طائفي أو عرقي، أو باحث عن امتلاك القوة لإرهاب البشرية، ليس سوى إرهابي وما على الناس إلا مواجهته بكل الأساليب المتاحة.