آراء

عندما تأتي البراكين خلسة.. تذكر بأنها ستطال الثابت قبل المتحول

بقلم: عبد الكريم محمد

مهما حاول البعض منا، بما يظن أنها الحنكة والشطارة ومعرفة من أين تؤكل الكتف، لا بد له أن يتذكر جيداً بأنه، عندما تأتي البراكين من دون استئذان أو سابق إنذار، خلسة.. ستطال كل شيء، ستطال الثابت وإن كان من الجبال الراسيات، قبل قلوبنا المرتجفة وأجسادنا الرطبة..

ستطال المتحول بدواخلنا، ستطال مشاعرنا وأحاسيسنا وخبايانا، بل ستنبش المستور الذي كان  جميعنا يعتبره عاراً، أو خروجاً عن المألوف والعرف السائد.. ستحفر بالأنفس الأخاديد قبل لحظة فقدان العقول، لتصاب إذا ما بقي منها شيئاً صالحاً بالذهول.

عندما تأتي البراكين، تغيب الشطارة والحنكة والذكاء، بل والقدرة على التصرف، لأن الوقت خرج عن مؤتلفك، ليصبح الوقت بذاته ولذاته ليس إلا.. بل سنصبح جميعاً خارج الوقت مع هول الفاجعة، التي قد ألمت بنا..

بعضهم يصفها بحصة من الوقت وقد قطعت من أوقات جهنم، بينما يرى بعضهم الآخر انتقاماً أو ثأراً من الطبيعة لنفسها.. وذلنا المتآخي مع جبننا، الذي ألفناه أو رضعناه لبناً من المهد إلى اللحد..

بينما يذهب العقلاء منا ليقول، هذه هي النتائج الحتمية لنهايات سلوكيات كان يندى لها الجبين.. هذه النهايات لاستدارة الظهر والنذالة والدياثة.. وهذه النهايات لتؤكد دنائة البدايات غير السارة وغير السعيدة بكل تأكيد..

لحظتها لن يكون للشعر والشعراء مكاناً، ولا للرثاء والرثائين عوزاً، ولا للمعزين سرادقاً، ولا حتى لشيخ الطريقة ونجم الحظرة، للدعاء بالرحمة حاجة، وستكون الرحمة قد سحبت من الأرض لتعود لصاحب الأمانة.

الأيام القادمة، ستحمل كل شيء يشي بالفاجعة، والمبشرين والمنذرين الذين يرون بأنفسهم ظل الله على هذه الأرض زوراً وبهتاناً، سيغيبون كما الملح في المياه الآسنة.. ومن يبقى منا سيشهد دورة حياة أخرى، يتفتح فيها زهر البنفسج في ربيع آخر، لم يعهده من قبل.