بقلم: عبد الكريم محمد
بعض الأنظمة العربية المتخلفة، التي ما تزال تعيش خارج الحضارة الإنسانية، تزعم أنها قد قضت قضاءاً مبرماً على تطلعات الشعوب العربية، وأن الخطر الداهم على وجودها قد ولى إلى غير رجعة..
بل أبعد من ذلك، انها باتت مقتنعة برسمها سيناريوهات من التلفيقات والأكاذيب، بدمغ الثورات بحركة دينية بعينها، أي اخونة الثورات العربية، أنها انتصرت أو إذا شئت قد ربحت الرهان، في إظهار القضية برمتها على أنها ثورة للتدين ضد العلمانية..
ليصار فيما بعد إلى إقناع العالم الغربي، أن ما يسمى بالديموقراطية والمجتمعات المدنية في بلادنا، ستجلب التدين والانغلاق، وسيصبح العرب جميعاً قوة دينية مغلقة لا يمكن مواجهتها، ناهيك عن المصاعب والمشكلات التي ستخلقها هذه الأنظمة في منظومة العلاقات الدولية القائمة.
هذه الحقائق برزت منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورات العربية، وقد بدأت الأنظمة المتخلفة خاصة السعودية والإمارات، بعد الانقلاب على قطر وعزل الكويت جانباً، في رسم المؤامرات الدنيئة، مع كل دول الغرب من دون استثناء، رغم ما سمعناه في وسائل الإعلام من تكاذب غربي عن الديموقراطية وحقوق الإنسان..
هذا التوجه القذر التآمري، قد عمل على إحضار القوى الأكثر بشاعة على وجه الأرض، لتقوم بالمهمة القذرة بديلاً عنهم، أي أن ما يسمى بالإرادة الدولية هي من أدخل روسيا وإيران ليشرعون بالقيام بما شهدناه وشهده العالم أجمع في سورية من ممارسات قذرة يندى لها جبين البشرية جمعاء..
ناهيك عن المؤامرة التي قيدت بيد العسكر في مصر، والذين تلقوا أجورهم مسبقاً باعتبارهم مرتزقة في بلادهم، وليسوا حماة للأوطان كما يزعمون.
المهم هذا الواقع المتردي بل والمزري، أصبح اليوم يشكل بركاناً ينتظر اللحظة المناسبة للانفجار، خاصة وأن أدوات اللعبة أصبحت معروفة ومكشوفة، الأمر الذي سيزيد من الصعوبة على هذه الدول المتآمرة على العرب، في مواجهة القادم المريع والمفاجئ، بعد أن فقدت قدرتها على التأثير في الرأي العام وتلفيق الأكاذيب..
وعلى العالم ومعه الأنظمة العميلة في بلادنا، أن يدرك أن الشعوب لا تستورد استيراداً كما تستورد الكوكو كولا أو الببسي، وأن الشعوب محكومة بقيمها وعقائدها، ولا يمكن أن تقوى قوة على وجه الأرض بتجريد الشعوب من قيمها، مهما بلغت من امتلاكها لأدوات القوة، ولعل الأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى..
ولعل الثورات القادمة لن تقف عند جغرافيا أو دين أو شعب بعينه، لكنها ستطال الكثير من الدول، بما في ذلك بعض الدول الغربية، التي تفتقد إلى العقد الاجتماعي وما تزال تعيش قيم العنصرية المتخلفة..