
بقلم: عبير شهابي
درجت البشرية منذ تاريخها الأول حتى هذه اللحظة، على اقحام الشعارات الفضفاضة والمجوفة في كل شيء، حتى أصبحت كحال من يدس السم بالدسم لا أكثر..
ولعل أكثر الشعارات الممضة والمقززة للنفس، هو ذاك الشعار الذي يتغنى بالشعوب وعظمتها وقدرتها الخارقة، حتى وصل بعضهم بتسويق الكذبة المختزلة بمقولة الشعوب، إلى حالة من التنزيه قد يصل حدود التقديس.
فالشعوب منذ أن وعت ذاتها جزافاً حتى هذه اللحظة، مجرد مجاميع من القوارض تجمعهم قصعة وتفرقهم عصا.. لتعيش على جنبات الانتظار وما قد يخبئه ذاك الغد، الحامل للمفاجآت السارة للبعض والضارة والمؤذية للبعض الآخر.
بل أقل من مجاميع افتقدت وما تزال القدرة على تحديد مصالحها، لتنجر وراء الغرائز، تماماً كما قطعان البهائم مع بعض الرتوشات، التي تغطى بشيء من الكلمات المنمقة ليس إلا.
المهم بالأمر ستبقى الفرادة وحدها من يقدم المثل والنموذج، وستبقى الشعوب كغثاء السيل دون نفع يرجى، وإن كبرت الشعارات وتعالت الأصوات عبر الأبواق المتناثرة في المعمورة، لتبقي هذا الكم أداة لإنتاج الحفنة المتأمرة على حساب الكثرة.