آراء

شجرة الأكاسيا لم تعد تعرفك أيها الواهم

بقلم: عبد الكريم محمد

اليوم مع شلال الدماء النازف في غزة، تشارف أعمال بناء المعبد على الانتهاء.. اليوم يغيب الثالوث المقدس بثلاثة من المعاونين والشغالين الذين كانوا في رفقة المعلم حيرام.. فبدلاً من تعلم أسرار البنائين، يفضح السر ليصبح ملحمة أو خرافة. 

فاليوم الوقت يداهمهم جميعاً، بكل مسمياتهم ملوكاً رؤساءاً أمراءاً قتلة أجراء ومأجورين.. ولن يسمح لهم اكتساب الخبرة اللازمة أو إذا شئت الكافية ليصبحوا معلمين، صحيح أنهم تواطئوا في الماضي وما يزالون على ذات السقوط للحصول على هذه الامتيازات من قبل المعلم مهما كان الثمن، بينما كان وما يزال الغزاوي لوحده صامداً داخل المعبد. 

لن تسقط كلمة سره ولن يقتل بمسطرة على رقبته – بل لن يسجل أي رمز على موته الجسدي..ولن يكون الطلب من ذاك المحترف الثاني، الذي كرر الطلب ذاته بسرقة سر الأسرار، بل ولن تكون الضربة بكساً على الصدره الأيسر – السبب في وفاة العاطفة. 

لن تقوى أيها المأفون المختفي ثالثاً بتوجيه الضربة لغزة كما وجهها الثالث لحيرام الذي ضربه على رأسه بمطرقة فقضي عليه – لن تلغي ذاكرته رغم محاولاتك لقتله عقلياً. سيبقى أطفال الحواضن يتناقلون الذكريات الخلاقة كابراً عن كابر..أما أنت ستبقى تعيش هاجس القتلة والمقتولين، ستبقى تبحث عن الاجابات ولا مجيب.. 

وستدرك أنت وكل من معك، عدم جدوى جريمتكم وفظاعة عملكم. وسيبقى الغزاوي أو إذا شئت الفلسطيني، غصن من السنط، باعتبارها شجرة الحياة التي كما تقول الأسطور بفضلها عثر المرسلين من قبل سليمان على جثة ليس حيـرام أبي، بل على تراث الفلسطيني صاحب رفيق الزمان وصاحب المكان.

وستبقى رمزية تلك الرواية حكراً على الفلسطيني، لترمز دائما إلى مستوى الخبرة ولو إن المصطلحات مختلفة. ولن تقوى على تنفيذ حكم إعدامك مهما بلغت قوتك وعلا شأنك بسبب جهلك. 

لك أن تتمدد في نعش من سبقوك، دون أن تنسى قطعة القماش السوداء لتغطي قبح وجهك، ولا تنس وضع غصن من الأكاسيا فوق جسدك. وإذا ما سئلت من قبل الخبير الأعظم في طقس تنصيب مرتبة جديدة لك: “هل أنت أستاذ؟”، لا تقل: “إن شجرة الأكاسيا تعرفني.” بل قل ثمة من يقوى على الإجابة في غزة وحدها دون غيرها.