أدب

ذاك المخيم الجسر بين ضفتين.. أدمته النصال

بقلم: حسن فياض

(المخيم الذي مدّ جسرًا فأدمته النصال)قادماً….من سدوم، يبوس من تلك الممالك التي تفيض لبناً وعسلاً….مثخناً بجراح الثورات العاقرة….خذلان الأسلحة الفاسدة….الزحف الذي لم يأتِ بعد عناء إنتظار…؟؟؟

ليحطّ…في لجوءه القديم، البعيد، القصي، النائي على الأرض الموحشة الوعرة لمزروعة بالصخور، الأحجار، الأشواك والشيح.في المساحة الضيقة جغرافية الهلاك إطباق الجهات….؟

الأرض التي لا تصلح سوى للجحيم….أوجاع الليل وكدّ النهار…تقاسم الفقر والشقاء بعدالة….؟؟؟

كنعان…..إرادة التحدي، عناد البقاء تدجين المكان تطويع الأرض التي شقَّ صخرها، عزق حجارتها، اقتلع شيحها أشواكها لينصب خيامه فوقها في صراع محموم وطويل مع أعاصير رياح الشتاء العاتية، شموس الصيف الحارقة.مسطرًا بدمه وروحه بارتجاف الصغار وجوعهم ملحمة كنعان…الخصب والنماء في ثنايا اليباس ..

النور الذي عاند العتمة وشع ملء جهات الأرض..الأمل الذي لايستريح….ذاك فصل الخيام الذي لم يأخذحقه في تدوين آثار من مروا هناك ذاهبين إلى الجنة..وينتقل من بقي منهم على قيد الحياةالى بيوت اللبن بأسقفها المكونة من الأعمدة الخشبية والقصب الذي يعلوه الطين وتأخذ ميلاً طفيفًا منعًا لتجمع المياه وتسربها داخل البيوت وغالبًا ماكانت تدلف…

يبقى لتلك البيوت كل ذلك الدفء والحنين والحضور على مساحة القلب والذاكرة بوجوه أنفاس وأرواح أهلها الطيبين المحبين ذلك الوطن الصغير المنفي ببيادره، بيارته، ينابيعه، أوديته، سهوله، هضابه جباله….

عاداتهم تقاليدهم مأثرهم تحديهم لفقرهم وفاقتهم وحض الأبناء على العلم إرسالهم للمدارس المعاهدالجامعات ليتخرجوا منها وهم على عهد الوفاء لكل تلك القيم الفاضلة التي غرسها الأجداد والأباء… يبقى لبناة أجيال ذلك الزمن دورا مهمآ نظرا لحجم المسؤلية الملقاة على كاهلهم.

تجاه تلك الأجيال فكان التعليم أكثر من مهنة كان واجبًا وطنيًا بامتياز. يسعفني في الحديث صديق مقاعد الدراسة أحمد بقوله :ان رعاية وكالة الغوث الصحية ممثلة بمخلص الحكيم وطاقمه الطبي والفني والاداري، ماتوزعة الأنروا من اعاشات على جموع اللاجئين، مطعم وكالة الغوث كار الحليب حبة زيت السمك الصباحية وجبة الغذاء المجانية هذه الرعاية والإغاثة كانت بالغة الأهمية والأثر.

ويحضر في التداعي أبو أيوب متعهد احضارالفاكهة والخضار الغضة بقامته الطويلة، بشرة وجهه الحنطية المائلة للسمرة ، نبرة صوته ومعطفه الذي طالما ارتداه مبدياً أسفه الشديد لمن يتنكر….أو يحاول التنكر….صديقي….لم يعد لجوءنا طبيعيًا..أومؤقتًا صار هرمًا ابيضَّ شعر رأسه..لم تعد تظللنا غابة البنادق خيام الثوار…ولم يعد رصاص العروبة طائشًا بعد أن صيرونا حقل رماية…..؟؟؟؟