آراء

دعك من التخرصات فالحروب تصنع الأخاديد

بقلم: عبد الكريم محمد

بعيداً عن التخرصات والتحليلات التي قد تتوافق معها أحياناً، وترفضها أو تصد عنها أحياناً أخرى، ما تخلفه الحروب من آلام واوجاع وأخاديد، لا يمكن أن تندمل لأن الآلام تورث كابراً عن كابر.. فالأجيال لا تنس وإن تناست، تبقى خبيئة في الأنفس..

خاصة وأن التاريخ سلاسل متواصلة من أحداث، لا يمكنك أن تدير الظهر لجزء منها، وتقبل الجزء الآخر، الذي قد يخرجك من أزماتك كما تظن.. أو يخفف عنك عبئ قصة المأساة التي لحقت بك كفرد أو أسرة أو مجتمع.

المهم أن الآلام  تتحول لتصبح جزءاً من الذاكرة المتقدة في كثير من الأحيان، بل أنها تأخذ شكلاً جينياً، لتدمغ الناس المتضررين ببصمة ذاك الألم..

وأن من يدعي قبول المصالحة أو الحل الوسط التاريخي، فهو كمن يعيد الجمر تحت الرماد، ليقال عنها القدرة على إدارة الأزمة أو ما شابه ولامس ذلك.. لكن ذلك لا يعني مطلقاً أنك جسرت الأخاديد، بقدر ما دفنت القدرة الكامنة، انتظاراً للحظة أخرى وظروف مناسبة، قد تعيد الصراع إلى سابق عصره.. لكن هذه المرة سيحمل الصراع لحظة اندلاعه، قوة الثأر التي لا توصف.

أي أن كل الصراعات التي جرت عبر التاريخ، ما تزال حاضرة في النفوس قبل العقول، وأن الحديث في استحضارها ما يزال كما المرجل القابع على فوهة الركان.. وأن التقليل من حجم ما ينتظر البشرية مجرد كذبة، ولو كان الأمر خلاف ذلك، لانصرفت البشرية بكليتها عن التفكير في صناعة أدوات القتل والتدمير وسباق التسلح المحموم، الذي يستهلك مقدرات الأمم والشعوب..

المهم الحرب الكبرى قادمة، وستجد أحقاد الماضي القريب والبعيد متنفسها، وستظهر لنا على شكل براكين كانت بالأمس نائمة على بحار من المغما المنصهر.. لتخرج من بين ندوب الأرض وهضابها.. الدول العظمى تعي هذه القضية، لكنها ما تزال تراهن على لجم لحظة الانفجار الكبير..