آراء عربي

درعا إلى أين ؟

بقلم: الدكتور أحمد الحمادي.. باحث وأكاديمي سوري

يستفسر بعض الإخوة عن حالة درعا البلد والحصار المفروض عليها بقولهم ما الحل ؟ :

– بالظروف الطبيعية للصراعات و التصادم العسكري في الحروب الكلاسيكيةيكون أمام القوات المحاصرة عدة خيارات :

١- الإستسلام ، و حدثت هذه الحالة بكثرة من قبل قوى النظام القاتل المجرم في مجريات الثورة ، حيث استسلمت و هي صاغرة ، و لكن الثوار كانوا ينفذون تعهداتهم لها و التزموا بها ، و كان أخرها من استسلم من حواجز و مواقع النظام حيث أسروا و لم يمسهم اي ضرر من قبل ثوار حوران و منهم من سلم لأحمد العودة بعملية خداع من قبل و منهم مازال وضعه عالقا .

٢- الإنسحاب من المنطقة المحاصرة ، كما حدث لقوى جيش النظام القاتل المجرم في لبنان عدة مرات عندما تم محاصرتها من قبل الجيش الإسرائيلي و دمر أكثر من ٦٥٪ من مدرعاته و دباباته و طائراته و قواه الصاروخية ، فهذه القوى التي حوصرت بعد مفاوضات فتح لها معبر للإنسحاب فتراجعت مرغمة ، أو وفق ما يسمونه بالانسحاب الكيفي .
و على فكرة كل الانسحابات التكتيكية في مجريات الثورة السورية التي كان يعلن عنها النظام القاتل المجرم و يظهر نفسه منتصرا كان فيها مهزوما ذليلا مكسورا متجرعا مر الهزيمة و الانكسار .

٣ – المفاوضات و الوصول لحل وسطي يرضي الطرفين : خبرنا ذلك في الغوطة الغربية و وادي بردى و الغوطة الغربية و القلمون و حمص و إدلب و غيرها ….. مما يسمى اتفاقيات خفض التصعيد و في درعا بعد اتفاقيات التسوية (٢٠١٨) و خبرنا نتائجها والقضم التدريجي الذي حدث بسببها للمناطق المحررة من قبل النظام القاتل المجرم .

٤ – الإذعان المطلق و إعلان الإنهزام و التسليم بما يفرضه المحاصر او صاحب القوة الراجحة ، كما حدث في الحرب العالمية الثانية مع اليابان و المانيا و إيطاليا .

– في درعا :
* درعا البلد وحدها مساحتها التقريبية ٤ كم مربع ٢*٢ كم و يضاف لها طريق السد و المخيم و حارة الحمادين تصبح المساحة الاجمالية بحدود ٨ كم مربع .
كان يوجد فيها ٥٠٠٠٠ إنسان قبل الهجوم الوحشي الشرس على درعا منذ عشرة أيام ، نزح عدد من المدنيين أطفال و نساء و كبار في السن و من أراد النزوح تحت ضغط الحصار الذي فرض منذ ٤٨ يوم .

* النظام استقدم قواه الضاربة من الفرقة الرابعة و الفرقة ٢٥ و الفرقة ١٥ و الخامسة و التاسعة و الميليشيات الإيرانية و الميليشيات الأمنية و التابعة للرابعةو غيرها و كل داعميه عدا الروس الذين يلعبون دور الإطفائي و الوساطة بما فيهم اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس .

* درعا البلد ليست لوحدها بل معها كل أحرار و ثوار محافظة درعا وحوران حيث يقومون بواجبهم الثوري حسب استطاعتهم و نفذوا أعمال بطولية رائعة على امتداد أرض المحافظة من شمالها لغربها لشرقها من خلال استهداف حواجز و مواقع النظام القاتل المجرم العسكرية و الأمنية .

* في درعا بعد اتفاق التسوية لم تعد فيها فصائل و فصائلية بل فيها ثوار و أحرار و لا يوجد بينهم حاليا غير الصفة الثورية البحتة دون أي تسييس من قبل اي جهة ، و حتى عندما تداعى أبطال جيش التحرير الشعبي للفزعة و تعزيز القوى الثورية في درعا كان متماهي لدرجة كبيرة مع ذلك بما فيهم قوى جيش التحرير الشعبي من نفس المحافظة ، فلا هدف لنا منها سوى ردع و إفشال الهجمة الشرسة عن أهلنا و ناسنا المستهدفين من قبل نظام قاتل مجرم .

* الخيار أمام أهل درعا البلد كان أحد مايلي حسب شروط النظام لعدم قيامه باقتحامها :

١- تسليم السلاح .

٢- تهجير بحدود ١٢٥ ثائر

٣- إقامة حواجز بدرعا البلد و أتفق على ثلاثة .

تم التفاوض :
-بداية رفضت المطالب رفضا تاما ، ثم طلب عليكم تسليم بعض قطع السلاح و لو كانت خردة ، سلمت كمية محدودة و الغرض كما طرحوا من قبل اللجنة المركزية ( لا نريد دماء ) ، و خاصة بعد ان طرح النظام القاتل المجرم في بند تسليم السلاح (قالوا المطلوب السلاح المنفلت الذي يستخدم في الأعراس و الخلافات العشائرية ) ، طبعا كان المقصود سلاح الأحرار ،
إذا سلمت بعض القطع لكي لا تترك ذريعة للنظام يتسلح بها لاقتحام درعا البلد ،و كما يقال بالحوراني : ما بدهم يتركوا للضيف حجة .

– بالنسبة للتهجير ، رفض رفضا مطلقا و طرح الرد بتحدي كبير من أهل درعا البلد ملخصه : ( نهجر جميعنا إلى منطقة آمنة أو نبقى جميعنا و لا حرب و لانريد إراقة ، و لكن إذا فرضت علينا بعين الله ، أي نحن لها و هذا ما كان ) .

تقلصت شروط النظام لتهجير أثنين هما : مؤيد حرفوش ( ابو طعجة ) و محمد المسالمة ( الهفو ) . رفضا بداية ثم تحت مطالب الأهل و الناس قرارا ترك درعا البلد و تسللا منها ليلا و خرجا ، و هما حاليا في منطقة آمنة و ربما في أكثر مدينة غير مشكوك تواجدهما بها هههههه اقول ربما بازرع هههه بمزح لا تفتشوها و تبحثوا فيها هههه و تقلبوها رأسا على عقب .
و بالنسبة للحواجز اتفق على وضع ثلاثة حواجز ، و حددت أماكنها . و لكن استدرك النظام لاحقا الشرط بأنه يريد وضع حواجز كما يريد و اينما أراد و تديرها القوة التي يحددها هو .

– النظام القاتل المجرم نسف الإتفاق و نكث العهد ، ففي دويلة المزرعة لا عهود و لا مواثيق تنفذ بكل قوة غاشمة قاتلة تطبق على الأنفاس و تقتل الأرواح و تدمر البنيان ، لذا وضع أهلنا أمام هذه الخيارات الصعبة ، و الثوار و الأحرار في درعا البلد حددوا خياراتهم على الرغم من الحصار و كل ممارسات النظام الهمجية بقولهم : لن تمروا و تدنسوا ترابها إلا على جثثنا ، نكون أو لا نكون ، و هم في قمة الاستعداد لتنفيذ هذا الخيار ، و شاهدناه عيانا في مواجهة كل هذه القوى للنظام القاتل المجرم على أبواب درعا المسيجة بجدران نارية عصية و غير قابلة للإختراق بهمة أبطالها الميامين الأشاوس الذين يستسهلون الموت و يطلبونه بعز و كرامة و شموخ لتكتب لهم الحياة الحرة الكريمة ، و من تكون هذه خياراته و يختار الموت و الشهادة لكي يحيى الحياة الحرة الكريمة لن يفل عضده حصار و لا محاصر ، لذا كان الأجدى بمن طرح السؤال أن يقلب التساؤل :

– إلى متى ستصمد ميليشيا حماة البوط و كرسي الأهبل أمام أبطال حوران و بركانهم الثائر الحارق ؟ الذي تستهلك قواهم الحية يوميا بالعشرات ؟ و من بظهرهم و ورائهم من أحرار و ثوار المحافظة و حوران خاصة و سورية عامة ؟.

لن تصمد كل هذه الميليشيات و ستسحق و سيسحق من يدعمها ، و درعا البلد أنتصرت منذ اليوم الأول للهجمة الشرسة ، و يوميا تعزز انتصاراتها الجزيئة اليومية لتصب في النصر العظيم المؤزر ، و الذي تحقق سلفا مهما جرى او سيجري لدرعا البلد بعد هذا اليوم .
اللهم نصرك المؤزر يا جبار و يا عظيم و يا ناصر المستضعفين .