بقلم عبد الكريم محمد
إياك والتغني بقرع الكؤوس في مساءاتهم المحملة بالصخب وعبق الياسمين.. والنبيذ المعتق بروابي الآخرين.. حتى لا يقال عنك الحالم العاصي المنتظر.. كما البحار المتحفز الضجر قبيل الرحيل..
الهائم طرباً بسماع موسيقى أصوات بقايا الأمواج.. وصرير الحصى المتدحرجة عند أولى الأمنيات.. أو يقال عنك ما تقوله العذارى عند الغروب، يا سارق القلوب..
لا توغل بالحلم يا صديقي، لحديقة قد شارف كل ما فيها على الغروب، لتنام على الذكريات.. لا تنم على ماضيك التليد الذي أنجب كابوساً.. ولا تعطي للهواجس بالاً من أرض تميد.
وتذكر أن الفناء قد بعث مرة أخرى للفناء.. إبحث عن دفء نياط القلوب بظل البيلسان.. لا تنبش قبور الموتى؛ واترك من يعشق الموت رهاباً لموته.. بل اترك العاشق لعشقه.. والحالم يسبح مخموراً بحلمه.. فمثلك وحده من يستحق الحياة.
اترك حفائب السفر.. ولا تنس.. أن تخبئ حرزك المكتوب بحبر الزعفران والعنبر.. بل خذ حزمة من الوقت.. فقد يطول هناك، بك البقاء والمستقر.
وتذكر يا صديقي إذا ما نالك الحظ بالوصول.. أن تنم على الحدباء ترابياً، بجانب ظلها.. الممتد صوب الشروق.. لتنال بظفيرتها الغافية على خدها الندي، قبل البزوغ..