أدب

تمهل يا صديقي..

بقلم: عبد الكريم محمد

يا لهذه الدنيا.. عندما نتحول شمعداناً، تذيبنا اللحظات بفارق الوقت ومجافات الأزمنة.. يا لها عندما تصبح العتمة صنواً للنور.. لتتآخى الابتسامة مع ذاك الحزن الذي ينهش الذكريات.. مع ذاك الصقيع الذي يجتاحنا خلسة، ليقطف الورود في غفلة من أمرها.. تاركاً الأغصان خاوية على جذوعها المتعبة.. رغماً عنها..

انتظر قليلاً رغم التعب.. انتظر قليلاً علّ الذكريات تكتمل، لترسم على جبين الصخر الأصم، صورة الفرح المتآخي مع هاجس الفقدة.. انتظر قليلاً حتى نصدق أننا نكبر سوية حدّ الهرم.. انتظر قليلاً لكي نزرع  فسيلة، كانت تسمى شجرة ميلادنا..  

لا مكان يا صديقي أو يا أبتي للمراثي، فقد أكل الدهر لحظاتنا الحلوة بالترحال، ليقذفنا على قارعة الزمن.. بقايا من ذكريات ووجع.. لا وقت للمراثي فقد أكل الزمن خوفنا، الذي لا ينتهي من غد.. ليتركنا فرائساً لأنياب الهواجس.. التي سميت بلحظة الوداع المتآخي مع ذاك الوجع.

لا مكان للحزن بعد أن لف الحزن سرائرنا، وأصبحت نياط القلوب أكفانا للقلوب.. لا وقت للدموع بعد أن تحجرت بالمآقي، لتتركها بقايا من ألم او ندب بين الجفون.. وشيء من حنين..

هكذا هي الحياة حقاً، مشفوعة بالفواجع لحظة الرحيل؟!.. تمهل يا صديقي.. فالحياة غفلة رغم طول السنين.