مجتمع

بعد 11 عاما من النص الدستوري… مطالب المساواة بين الجنسين تتجدد في المغرب

رغم نص دستور العام 2011 على المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما تزال عملية تفعيل النص الدستوري محل مطالب من مؤسسات المجتمع المدني والحقوقي في المغرب.

ويدعم دستور 2011 المساواة بين الجنسين، خاصة من خلال الفصل 19 الذي جعل حق المناصفة دستوريا.

ينص الفصل الـ19 من دستور 2011 على أن الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

تصريحات رسمية
مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، إن المغرب قطع أشواطا مهمة من أجل تعزيز مكانة المرأة في المجتمع منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، حيث قام بإصلاحات كبرى تبتغي النهوض بوضعية النساء في المجتمع، وفتح الآفاق أمامهن لإعطائهن الفرص المطلوبة في كل الميادين.

وأضاف أخنوش في افتتاح النسخة الخامسة من منتدى “مغرب اليوم”، أن الملك محمد السادس قام بإصلاح جوهرية لمدونة الأسرة سنة 2004، ثم أقر بعدها مبدأ المناصفة بين الجنسين في دستور 2011، موضحا أن “عدد النساء المنتخبات في مجلس النواب ارتفع إلى 96 بدلا عن 81، سنة 2021، وهو ما يشكل ربع أعضاء الغرفة الأولى.

التمكين الاقتصادي
وأشار إلى أن “التمكين الاقتصادي يعد أولوية للحكومة قصد تعزيز المساواة بين الجنسين، وذلك في أفق تفعيل الحكومة لكل التزاماتها في هذا الصدد بحلول سنة 2026”.

رغم إشارات الحكومة حول تعزيز مكانة المرأة ترى الفعاليات المدنية أن الأمر لم يتحقق ولم تقر المساواة حتى الآن رغم مرور 11 عاما على الوثيقة الدستورية، وفي هذا الإطار قدم تحالف “المناصفة دابا” أي “المناصفة الآن”، مقترح قانون حول المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش.

المقتضيات التمييزية
وحسب خبراء وتقارير سابقة، أشارت إلى فارق كبير بين أجور النساء والرجال في المغرب، إذ كشفت دراسة سابقة لمديرية الدراسات والتوقعات بوزارة الاقتصاد والمالية أن الأجور التي تحصل عليها النساء تقل بما يناهز 17 % عن الأجور التي يحصل عليها الرجال، وهو ما تطالب النساء في مختلف المنظمات والفعاليات المدنية بالعمل الجاد من أجل تفعيل المساواة.

وأوصى “تحالف إصرار للتمكين والمساواة”، في تقرير سابق له بمراجعة “المقتضيات التمييزية في مدونة الأسرة، من خلال حذف المادة 148، التي تَعتبر البنوّة غير الشرعية ملغاة بالنسبة للأب، واعتبار الخبرة الجينية سببا لحق النسب، واعتبار النيابة الشرعية حقا مشتركا بين الأبوين أثناء قيام العلاقة الزوجية وبعد انتهائها، وحذف اختلاف الدين كمانع من الزواج أو من الميراث، وتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين في الميراث”.

ما بين النص الدستوري والتفعيل
في الإطار نفسه، قالت البرلمانية السابقة ابتسام العزاوي، إن خيار المساواة متضمن في دستور المملكة لعام 2011، حيث ينص الفصل 19 على المساواة بين الجنسين في كافة الحقوق والواجبات.
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”، أن هناك هوة بين النص الدستوري والواقع، ما يتطلب الكثير من الجهد لتنزيل فعلي وحقيقي لمضامين الوثيقة الدستورية، وأن وجود مبادرة مدنية من قبل فعاليات حقوقية ومدنية مشهود لها بالكفاءة تأتي في إطار المشاركة الديمقراطية، وأنها ظاهرة إيجابية تعزز دور المجتمع المدني بالمغرب”.

تنزيل الوثيقة الدستورية
وترى أن تنزيل الوثيقة الدستورية يجب أن يكون عبر التشريع، وهو ما يستوجب العمل بشكل سريع من مختلف الهيئات خاصة في ظل وجود تفاوتات بين الرجل والمرأة على مستوى الأجور والمستوى الاقتصادي، مشيرة إلى أن ما عاشه العالم من واقع اقتصادي أبرز تلك التفاوتات، خاصة ما بعد أزمة كوفيد 19.

تشير البرلمانية المغربية إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الفعاليات السياسية الممثلة في البرلمان التي لم تضع مقترحات قوانين من أجل تنزيل النص الدستوري، وأنه حال تبني الفرق البرلمانية لمقترح المشروع والتصويت عليه، يصبح ملزما للحكومة، وأن مختلف الهيئات السياسية يجب أن تتحمل مسؤولياتها تجاه المطالب المرفوعة، أو اقتراح مشروعات قوانين أخرى من أجل الشروع الفعلي في تطبيق المساواة.

تأثيرات العولمة
من ناحيته، قال الحقوقي المغربي محمد الطيب بوشيبة، إن تأثيرات العولمة الإيجابية والسلبية تؤثر في النساء والرجال بطرائق مختلفة.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن بعض المكاسب تحققت خلال العقود الأخيرة، لكن التغيرات السريعة في سوق العمل تطرح تحديات خاصة بقضايا الجنسين. ولفت إلى أن ما بعد الأزمة العالمية والاقتصادية وجائحة كوفيد19 وتداعياتها على العمالة وما تنطوي عليه من آثار اجتماعية، أصبح التحدي الأكبر هو البحث عن التدابير السريعة الواجب اتخاذها على المستويين المتوسط والبعيد، من أجل الحفاظ على المكاسب المحققة بالنسبة للمساواة بين الجنسين والمضي بها قدماً، وتخفيف الآثار السلبية للأزمة.

ولفت إلى أن التمييز المباشر وغير المباشر والأنماط المقولبة وعدم توفر سبل الحصول على الموارد الإنتاجية لجميع الدول والتحكم بها والأشكال غير المنظمة وغير النمطية للعمالة ليست سوى أول الغيث من تلك التحديات التي تواجهها المرأة في سوق العمل.

حقوق مكتسبة
من بين الحقوق التي حصلت عليها المرأة المغربية تتمثل في الإقرار التمييز الإيجابي 10 % في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 ومدونة الأسرة سنة 2004، وكذلك إقرار قانون منح المرأة الجنسية لابنها، حال إن كانت متزوجة بأجنبي، وكذلك التوقيع على رفع كافة أشكال التمييز ضد النساء.