آراء

بعد عشر سنوات ونيف.. لم يقو الشعب السوري على خلق البديل


بقلم: عبد الكريم محمد

إنه حقاً، أمر مستهجن وغريب، فبعد عشر سنوات لم نشهد نحن السوريون والعرب ومعنا العالم، ولادة حركة وطنية سورية.. بل لم نقرأ برنامجاً سياسياً واحداً، يحدد متطلبات الشعب السوري في بناء مستقبل أجياله وتقرير مصيره، وشكل الحكم الذي يستحقه هذا الشعب المكلوم، الذي أصبح نصفه إما نارحاً أو لاجئاً في المنافي القريبة والبعيدة.

بعضهم يتذرع في خيانة الدول والأمم للقضية السورية، وبعضهم الآخر كالعادة، يلوذ بالخطاب الديني مشفوعاً بآيتين وحديثين، بينا يذهب بعضهم القليل ليضع الإصبع على الجرح..

حقيقة لا يهمني في هذا المقام الدخول في التوصيف، بقدر ما يهمني القول، أن الحاجة أصبحت ماسة لخلق حركة وطنية سورية، يعبر عنها بجبهة وطنية عريضة، تكون قادرة على لملمة الأوضاع السورية المتناثرة عبر خطابات متهالكة، ليس لها ما يحققها واقعاً.

هذه الجبهة وعبر برنامجها الوطني، علاوة على تمثيلها للطيف السوري بكل مكوناته، تقوم على حماية المتطلبات الوطنية السورية، بعيداً عن مصالح العالم والدول المجاورة، التي لا ترى بسورية سوى متنفساً لترحيل أزماتها ونهب ثرواتها، بما يتلائم مع متطلباتها في تقسيم الشعب السوري دينياً وأثنياً وجهوياً ومناطقياً..

وأن تبدأ عملية سياسية مقاومة، تشرع في هدم البنى المتهالكة المتمثلة في النظام القائم، باعتباره قوة قهر فرضها الأمر الواقع المتردي، ليصار إلى إعاد بنى مجتمعية حديثة، تقوم على أساس القناعة القائلة، في بناء وطني ديموقراطي، يقوم على الحريات والعدالة الاجتماعية وتكافئ الفرص لأبتاء الوطن الواحد..

وأن بقنع الجميع أن الجيوش والعصابات المتواجدة على الأرض السورية، هي قوى عبث وتخريب واحتلال، بما في ذلك عصابات النظام والعصابات المتواجدة في المناطق المحررة.. لأن هذه العصابات أصبحت عبئاً، يرمي بظلاله القاتمة السوداء الثقيلة على كاهل الشعب السوري..

لقد أثبتت الأحداث، الأخيرة في الجنوب السوري، أن ما يسمى بالجيش الحر المتواجد في إدلب وأرياف حلب وحماة، ليس سوى عصابات مأجورة للخارج على حساب مصلحة الداخل السوري، وأنها لا تقل مسوأة من عصابات النظام السوري المجرم.. فالجيوش الحرة التي تمتلك شرف الجندية، لا يمكنها أن تقف متفرجة على مذابح شعبها، دون أن يندى لها جبين..

ناهيك عن القوى التي ادعت زوراً وبهتاناً بأنها قوى إسلامية، هي كانت وما تزال الخطر الأكبر على مستقبل سورية وطناً وشعباً، فجيش الاسلام والنصرة وغيريها من الأسماء، هي عصابات صائلة مجرمة عميلة مرتبطة بالخارج، كما عصابات النظام الأمنية وعصابات إيران الطائفية المجرمة.,

لو كان الأمر خلافاً ذلك، لما شهدنا ما يجري في درعا البلد بخاصة؛ والجنوب السوري والكثير من المناطق بشكل عام، من مظاهر القتل والتدمير والتهجير للمواطنين في وطنهم..

المهم بالأمر، بتنا اليوم أحوج من أي وقت مضى، لأن نجعل من قيام الجبهة الوطنية السورية هدفاً وطنياً عاماً، باعتبارها المؤسسة والأداة التي من خلالها، سيجري كنس كل القوى المحلية والعابرة للدول، كي يتسنى لنا الشروع في تشييد بلد المواطنة وسيادة القانون..

دون ذلك، سنذهب عشرات السنوات الأخرى، لنبقى شهوداً عاجزين أو ضيوفاً للشرف نجلس على جنبات الجرح النازف اليومي، نتباكى على الجنازة الجوالة على الأرض السورية بلا طائل.