سياسة

باريس وواشنطن.. هل وقع سيف الخاء، أم أن للمشهد بقية؟

بقلم: عبد الكريم محمد

غالباً ما يحاول البعض، التقليل من حجم المشكلات البينية التي يعيشها الغرب،  بل يتناولها وكأنها مجرد لعبة لتمرير صفقة هنا أو هناك، والذريعة الكل يمارس الكذبة الفائلة بالخلاف علينا.. قبل أي شيء، أنت لست محلاً ولا أهلاً لاهتماماتهم، ولم تكن يوماً تقع في سلم أولوياتهم مطلقاً..

بل أنت ومن تمثل، مجرد مجاميع من القطعان المسماة عرباً ومسلمين، في حظائر ما أنزل الله لها أو بها من سلطان.. وأخذ المهمة على هذه الأرض وريثاه المحترمان سايكس وبيكو، ليحددو شكل ونمط حياتكم على هذه الأرض، لتصبحوا بعد ذلك، ثيران الأرض التي ترعى في برسيمه..

 وللذين يطلقون أحكامهم المسبقة، عن كذبة الصراع في الغرب، يكفيهم العودة للأرشيف، ليجيبهم عن تاريخ الصراع الذي بدأ منذ العام 1648 وأخذ استراحة المحارب في العام 1948، أي بعد ثلاثمائة عام.. وما تزال ذيول المشكلات قائمةحتى هذه اللحظة، التي نعيش ونشهد فصولها دون معرفة التفاصيل والأسباب الموجبة لذاك الصراع.

المهم بالأمر، أن ما يجري هذه الأيام بين الفرانكفون والأنكلوسكسون، ليس لعبة أو كذبة لتمريرها على قطعان الماشية، التي تقتات من برسيم الله وخيراته، التي ملئت السماوات والأرض، بل هو صراع بدأ يعود للواجهة، بعد أن انتهت استراحة المحارب وتفكيك ما اتفق عليه من تحالفات ومعاهدات..

اليوم يدخل الغرب مجدداً في صراع سياسي محموم، على الدور والوظيفة لكل منهم.. وما أعلنه وزير الخارجية الفرنسي جان- ايف لودريان أن فرنسا ستستدعي على الفور سفيريها في كل من أستراليا والولايات المتحدة على خلفية أزمة بسبب صفقة غواصات.. لم تأت وليدة اللحظة الراهنة، لفسخ عقد الغواصات المزعومة، بل كان من أيام حرب العراق وما تلاها من حروب في البلقان والبوسنة والهرسك، لتبقي الجمر تحت الرماد، ليعود ويظهر أواره هذه الأيام بكل وضوح، لا لبس فيه.

وهذا ما جاء في بيان لودريان، أن القرار اتخذ بناء على طلب من الرئيس إيمانويل ماكرون، وأنه “مبرر بسبب الجدية الاستثنائية لإعلانات ” صادرة عن كل من أستراليا والولايات المتحدة.

وأن رائحة التنافس والصراع فيما بين الأطراف بات معلناً، حتى لجهة السباق تكنولوجياً وتقنياً وقس على ذلك اقتصادياً.. خاصة وأن وزير الخارجية الفرنسي قد أوضح وبشكل جلي أهدافة ومراميه، ليأخذ من إلغاء أستراليا التعاقد والصفقة الكبيرة لشراء الغواصات الفرنسية التقليدية، وشراءها عوضا عن ذلك غواصات تعمل بوقود نووي..

أي أن هذه  الذرئع التي تلوذ بالتشديد على مقولة التقنية الأميركية باعتبار ذلك “سلوك غير مقبول” ، ليست سوى تأكيداً على الدفاع عن النفس واثبات الحضور، وطلباً ملحاً لأخذ دور مرضٍ في النظام الدولي، الذي يتم ترسيمه ليخرج إلى العلن في الأشهر والسنوات القليلة القادمة.

على كل ما يقوله الفرانكفوني الجريح، الذي سيطرد من آسيا وأفريقيا هو الحقيقة، خاصة عندما أعرب لودريان يوم الخميس عن “عدم فهم تام” لهذه الخطوة، منتقدا أستراليا والولايات المتحدة.

وقال “كانت هذه حقا طعنة في الظهر. لقد بنينا علاقة ثقة مع أستراليا، وقد تعرضت هذه الثقة للخيانة. هذا أمر لا يحدث بين الحلفاء.”

ولعله كان الأصدق بين كل السياسيين بلا استثناء، عندما شبه تحرك بايدن بتحركات سلفه، دونالد ترامب، بموجب مبدأ ترامب “أميركا أولا”.