آراء

الناتو فزاعة أمريكية

بقلم: عبد الكريم محمد

مما لا شك فيه أن ما يسمى بحلف الناتو، كان وما يزال مجرد فزاعة أمريكية، تستخدمه أمريكا عندما ترى في استخدامه ضرورة للحفاظ على مصالحها وحسب.. وأن الأعضاء جميعاً في هذا الحلف مجرد مزرعة للأبقار الحلوب، التي تقدم اللبن لمجرد وجودها في هذا الإطار..

هذه الحقيقة المرّة يعرفها كل أعضاء الحلف من دون استثناء، بل أنها أصبحت هاجساً بالنسبة لهم، ولعل الوحدة الأوروبية وتوحيد غالبية العملات الأوروبية منذ وقت مبكر، بعد انهيار حلف وارسو، كان مؤشراً على فقدان الثقة بالحلف، ومن ثم فقدان الثقة بالسياسات التي تنتهجها قيادة هذا الحلف، ممثلة بالولايات المتحدة..

بل أن المطالبات الأوروبية الدائمة من قبل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول الأوروبية، بضرورة بناء قوة أوروبية قوية وموحدة، هدفها الحافظ على أمن أوروبا، لهو دليل على انعدام الثقة بالحلف وقيادته..

الروس من جانبهم مطلين جيداً على أسرار الحلف المفضوحة، ويعرفون أن أوروبا لم تستفد من هذا الحلف منذ تأسيسه حتى هذه اللحظة، سوى تقديم الأتاوات التي على الدوام تصب في خدمة مصالح أمريكا.. بل أكثر من ذلك يعرفون قوة أعضاء الحلف مجتمعة وفوة الأعضاء كل بمفرده..

وأن هذه المعرفة بالمرض البنيوي الذي يعيشه أعضاء الحلف، هو من سمح للروس بتوسيع دائرة نفوذهم الإقليمية والدولية على حد سواء، وهو من فتح شهية القيادة الروسية بقيادة بوتين للتفكير مجدداً في ضرورة العودة لجمهوريات البلطيق وبعض الجمهوريات الناطقة بالتركية.. وهو ذاته من دفع الروس لفتح المعركة مع الأوكران دونما مخاوف على الإطلاق..

أي أن فقدان الثقة داخل الحلف خاصة من قبل ثاني أقوى دولة فيه، أعني تركيا وزد عليها ألمانيا وفرنسا وحتى بريطانيا، تؤسس لشيئين لا ثالث لهما؛ إما بروسترويكا  داخل الحلف، تفضي إلى قيادة بالتناوب ومنافع متوازنة للجميع أولاً، وإما سيمنى بالفشل الذريع ليذهب إلى التشظي، تماماً كما حلف وارسو ثانياً..

وما قصة توسعة الحلف وإدخال السويد وفنلندا، إلا محاولة لتأجيل حالة الانهيار الكبير التي تنتظر الحلف لا محالة.. وأن السويد وفنلندا كحالة عبد المعين، جئنا بك حتى تعين، وجدناك يا عبد المعين تبحث عن معين.. ولولا الحرب الروسية في أؤكرانيا، لما تجرأ أحد في السويد وفنلندا على طلب مثل هذه الخطوة، التي تعتبر تغيراً في الهوية والملامح.