اليوم تظهر ما يسمى بالعدالة المصرية بأقبح صورها، خاصة بعد أن قضت محكمة استثنائية في سباق مع تجميد قانون الطوارئ سيء السيط، بالسجن خمس سنوات بحق المدون والناشط المصري البارز علاء عبد الفتاح وأربع سنوات لاثنين آخرين لادانتهم بـ”نشر أخبار كاذبة”، على ما أكدا مسؤول قضائي ومنى سيف شقيقة علاء.
وكتبت سيف على حسابها على موقع تويتر “علاء حُكم عليه 5 سنين، باقر 4 سنين ومحمد أكسجين 4 سنين .. والقاضي … أرسل الحاجب” لإعلان القرار. صدرت الأحكام عن محكمة استثنائية لا يجوز الطعن فيها.
وأكد مسؤول قضائي لوكالة فرانس برس أن “محكمة جنح أمن الدولة قضت بمعاقبة علاء بالسجن مدة 5 سنوات، في القضية التي يواجه فيها اتهامات بنشر أخبار كاذبة، وعاقبت المحكمة الباقر وأوكسجين، بالسجن لمدة 4 سنوات، لكل منهما، في القضية ذاتها”.
وكانت جمعية “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” نشرت على موقعها الأحد أن المدون علاء عبد الفتاح والمحامي الحقوقي محمد الباقر والصحفي محمد إبراهيم المعروف بلقب “أكسجين” سيحاكمون بتهمة “نشر أخبار كاذبة من شأنها تهديد الأمن القومي” أمام محكمة أمن الدولة طوارئ.
وأفادت المبادرة بأن القضية نُظرت من جانب المحكمة على مدى 3 جلسات خلال الشهرين الماضيين و”لم تُمكّن المحكمة دفاع المتهمين من الحصول على صورة رسمية أو ضوئية من أوراق الدعوى، ليقفوا على أدلة الاتهام.. ودحضها”.
أمضى عبد الفتاح البالغ من العمر 39 عاما، سبع سنوات في السجن منذ عام 2013 حين ألقي القبض عليه وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات للمشاركة في تظاهرة غير مرخصة. وأفرج عنه عقب انقضاء فترة العقوبة في 2019 إلا أنه أعيد توقيفه بعد بضعة أشهر ووضع في الحبس الاحتياطي حتى الآن.
وتم توقيف باقر وأكسجين كذلك في أيلول/سبتمبر 2019 وهما محبوسان احتياطيا منذ ذلك الحين.
ووفق القانون المصري، تصل مدة الحبس الاحتياطي إلى سنتين، لكن ما يحدث بشكل شائع على أرض الواقع، هو بقاء المتهمين لمدد أطول في السجون احتياطيا.
تتهم المنظمات الحقوقية الدولية مصر بالتنكيل بالمعارضين والناشطين في مجال حقوق الانسان.
وتقدر المنظمات الحقوقية عدد الموقوفين السياسيين في مصر بنحو 60 ألف محتجز، منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حكم البلاد في 2014 بعد اطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي وشن السلطات حملة قمع واسعة شملت الإسلاميين والليبراليين.
والجمعة، كتبت وزارة الخارجية الألمانية على حسابها على موقع تويتر أن حكم الاثنين سيكون “بمثابة إشارة للاتجاه الذي تتطور إليه حالة حقوق الإنسان في مصر”، مشيرة إلى توقعات الحكومة الألمانية بـالإفراج عن الموقوفين.
وأضافت الوزارة بأنه “لا يجوز معاقبة المحامين على ممارسة نشاطهم المهني. من وجهة نظر الحكومة الاتحادية، فإن حرية التعبير هي أساس السلام الاجتماعي”.
ورفضت وزارة الخارجية المصرية في بيان التصريحات الألمانية وقالت إنها “تعتبر هذا الأسلوب الذي ينطوي على تجاوزات غير مقبولة تدخلاً سافرًا وغير مبرر في الشأن الداخلي المصري، ويُصادِر على مسار قضائي دون دليل أو سند موضوعي”.
وفي المقابل، علق جو ستورك، مسؤول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في بيان له أمس الأحد، على محاكمة الثلاثة وقال إن “محاكمة الحقوقيين والمنتقدين السلميين في هذه المحاكم الخاصة لمعارضتهم السلمية هي ظلم فادح لأن سلطة الرئيس الواسعة على هذه المحاكم تقوض استقلاليتها وحيادها”.
وأضاف أن، “مسارعة الحكومة (المصرية) إلى استخدام محاكم الطوارئ قبل إعلان إنهاء حالة الطوارئ، بعد حبس هؤلاء الأشخاص احتياطيا بشكل غير قانوني لسنوات، يؤكد أن القمع الشرس بحق المنتقدين السلميين ما يزال سائدا في مصر”.
أعلن السيسي في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر، رفع حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ أكثر من أربع سنوات إثر هجومين داميين استهدفا كنيستين قبطيتين في نيسان/أبريل 2017 وتبناهما في ذلك الحين تنظيم الدولة الاسلامية.
ورغم رفع حالة الطوارئ، لم تلغ المحاكمات التي بدأت أمام المحاكم الاستثنائية المنشأة بموجبها.
وفي مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز السبت عبرت والدة علاء، أستاذة الرياضيات ليلى سويف عن قلقها وكتبت “العالم الخارجي، الذي ألهمه الثوار المصريون ذات مرة، يشيح بنظره بعيدا عنهم”، في إشارة إلى عدم الاكتراث بقضية ابنها.
وأضافت أن علاء “جريمته أنه، مثل ملايين الشباب في مصر وخارجها، كان يعتقد أن من الممكن بناء عالم آخر … وقد تجرأ على محاولة تحقيق ذلك”.
المصدر: وكالات ومعرفات التوصل الاجتماعي