أدب

الماسك نعمة للبعض.. لأنه يخفي شيئاً من قبحهم

بقلم: عبد الكريم محمد

صحيح أني لا أحمل إلا ما تبقى من وسامة، أو ما تركه الوسيمون في غفلة من أمرهم، على قارعة طريق الوسامة.. إلا أن الماسك بالنسبة للبعض، جاء نعمة لأنه يخفي شيئاً من قبحهم.. علماً أننا ندرك أن السمات في الوجوه.. لكن بعضهم يحمل القبح في خفايا النفس منه..

بل أن القبح يخجل أحياناً من هؤلاء، لأنهم أقبح من القبح.. بعض هؤلاء، قبيحي السحنة والنفوس، يحملون قبحاً في ثنايا أرواحهم، لتصبح حاضنة حيوية لاستنبات أنواع غير متناهية مما يطلق عليه القبح، أو البشاعة..  

هؤلاء قبيحي النفوس قبل الوجوه، الذين يتاجرون بكل شيء، يتاجرون بالأوطان والرجال والغلمان، يتاجرون بالرقيق الأبيض، يتركون تجارة الأرض بما تزخر من خيرات، ليتطاولوا على السماء، باعتبارها تجارة رائجة رابحة، بلا رأسمال، سوى خطاب العفة وشيء من حواشي الكلم..

هؤلاء الذين يفكرون ليلاً ونهاراً، لاجتراح الطرق والوسائل القبيحة، لكيفية سرقة حليب الأطفال، لسرقة الماء والهواء والغذاء والدواء.. ليطلوا علينا من الردهات الفارهة قبل الذهاب إلى مواخير دعارتهم، يطالبونا بالحفاظ على الأوطان باعتبارها أمانة بأعناقنا، رغم ما نعيشه من ألم وفاقة وعوز، لا يتحمله لا الشجر ولا الحجر..

هؤلاء لا يتوقفون عند حدّ من قبحهم، يتفاخرون بامتلاكهم قوة قتلنا وسرقة جهدنا، ويتشدقون بلا خجل أو وجل، أنهم بناة الحضارات والأوطان والانسان، متناسين بأنهم من دمر الحرث والنسل، وأنهم جراء مسعورة لجرو مفترس، يجلس على صولجانه، خلف البحار..

لكن رغم كل شيء، جميل ذلك الماسك، الذي يخفي عن ناظرينا جزءاً من قبحهم، لنعتبرها استراحة متعب من النظر لهكذا وجوه قبيحة، تحمل لنا الأذية في كل لحظة، وعلى كل الشاشات الرقمية المتآمرة علينا، في تحسين قبح صورهم.