آراء

العلاقات الدولية الناجزة لا تقوى على صناعتها أقبية الاستخبارات


بقلم: عبد الكريم محمد
الكل يحاول اضفاء صقة المعرفة الكلية لأجهزة المخابرات الدولية، كما لو أنها ظل الله على أرضه.. حتى الرؤساء وصناع السياسة  على اليابسة، ينطلقون من هذه القناعة، باعتبارها لا تقبل الشك.. لأنها تستند إلى معلومات دقيقة، تكاد تدخل بين الرأس والجسد، أو إذا شئت بأنها تقوى على اختراق تلافيف مساحة التفكير في الأدمغة، لتسكن في ذواكر الرؤوس..

كل هذا مجرد أضغاث أوهام بالمطلق، فأقبية المخابرات في العالم كله، أقبية عقيمة عاجزة فاسدة، هي من يسرع بموت الامبراطوريات، ويوسع دائرة الخلل والخراب .. وهي من يبحث موظفوها عن الربح السريع. بل أنهم أقرب إلى الخيانة، وأسهل للاستخدام.

سألتني إحداهن، لو قيض لك أن تكون رئيساً لبلد وازن في هذا العالم، ما الذي يمكنك أن تفعله؟

بعد أن فرغت جعبتي من القهقهة، أجبتها، أنا لا يمكنني أن أكون مختاراً، لحي في قرية ريفية؟

بعد أن وزعت ابتسامتها الصفراوية المعهودة، طلبت مني تشغيل مساحة التخيل، بإلحاح!!

قلت لها سأطردك أنت وأمثالك من وظيفتك، وسأبقيها شاغرة، لأني سأكون بحاجة لفيلسوف وباحث وعالم اجتماع وعالم اقتصاد وشاعر، ونادل وشريد..

ولن أعتمد على أي تقرير استخباري، حتى لو جاء به ملكاً من السماء.. وسأقيم علاقات ذاك البلد الوازن على أساس من الاحترام مع كل من تربط دولتي به علاقة سياسية أو دبلوماسية أو اقتصادية.. ولن أسمح لشركة فاسدة في بلدي، التقدم بأي عرض لاستثمار خارجي مع أي بلد على هذه اليابسة.

والأهم لا يمكن أن أقدم الدعم لدولة أو رئيس، لا يحترم الديموقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون، أو أرضى حتى بإقامة علاقات معه، وأن صندوق الانتخاب وحده الذي سيحكم توجهاتي في علاقاتي مع العالم..

توقفت قليلاً، لتعيد السؤال، لماذا كل هذا وأنت تعرف أن من يحمل هذه المواصفات، لايمكنه أن يقدم لك كل متطلبات بلدك؟

قلت لها:” أنا لست قاطعاً لطريق لأتعامل مع قطاع الطرق”، هذا أولاً؛ ثانياً:” لا يمكنني أن أتعامل مع خائن، لأني لست خائناً للأمانة في بلدي”..
يا صديقتي، العسس وما يسمون بالمخابرات وحتى العسكر لا يبنون دولاً، وحدهم الأخيار من يبني الدول العظيمة، وفي مقدمتهم أصحاب الضمائر والعقول النيره.