آراء سياسة

العالم ذاهب بكليته نحو الخراب.. رغم شعارات التهدئة الزائفة

بقلم: عبد الكريم محمد

ليس انطلاقاً من فصيح الكلام والتمنطق وادعاء المعرفة.. بقدر ما هي الأحداث تدلل على سرعة الهرولة نحو الخراب، الذي أصبح سمة عصر البحث عن الهيمنة، ووأد الأصوات المنادية بضرورة الاعتراف وخلق التوازن مع الآخر على هذه الأرض.

اليوم يخرج العالم عن القاعدة الذهبية، المسماة توازن الرعب، ليدخل في علاقات محمومة قد تتجاوز سقوف الخوف كلها، بداية من استخدام الطلقة والصاروخ والمجنزرة والطائرة، وانتهاءاً باستخدام الخيارات النووية، التي كانت وما تزال تشكل إرهاباً للبشرية على هذه الأرض.

ولعل الملفت حقيقة، أن جنون استخدام فائض القوة، بدأ يفرض نفسه واقعاً على السياسات الدولية المتعبة فيما بين الدول، وأصبح فائض القوة وحده من يرسم شكل العلاقات القائمة، أكثر مما تفرضه تلاقح المصالح والعلاقات السلمية والمنافع المشتركة.

وأن كل ما يجري اليوم من صراعات، لم يكن وليد اللحظة كما يدعي الفطاحل في وسائل الإعلام على اختلافها.. بل بقيت ناراً تحت الرماد، تنتظر لحظة الذروة الكبرى لتنفجر لهيباً، يطال الأمم والشعوب، برفقة بعض الشعارات الزائفة.

وأن غياب العدالة الدولية وهيمنة القلة على مقدرات الشعوب، المترافق مع تعاظم فائض القوة، سيؤدي إلى تغيير في معالم القارات بلا استثناء، وسيطال البعيد قبل القريب، وستبدأ الحروب طرفية، لتنتقل رويداً رويداً لتعم العالم.. بل أن عدم القدرة التغلب على الأزمات المقنعة، والتي ظهرت هذه الأيام بفجاجة، ستعكس بظلالها القاتمة حروباً قد لا تنتهي لعقد أو أكثر من الزمن..

وأن العالم حقيقة سيجنح نحو التفكك بعد ذلك، خاصة وأن كثيراً من العقلانيين قد نادى في وقت مبكر، بضرورة وقف حمى الصناعات العسكرية، والتراجع الهيمنة عن اليابسة بل وعن البحار والمحيطات، وإيجاد فسحة معقولة بعض الشيء، لبناء الهويات الوطنية والقومية للشعوب على اختلافها وتنوعها..

لكن المؤسف حقاً، أن كل أصوات الاعتدال، فشلت في إيجاد الآليات والنظم والقوانين الدولية، لجهة خفض التوتر ولجم الطموحات المتطرفة، عند الحكومات العميقة التي تجد ضالتها في السيطرة والاحتكار والاستعباد، من خلال السيطرة على مقدرات الشعوب، باعتبار ذلك وحدة من يؤمن شرط ديمومة السيطرة لمديات بعيدة..

المهم بدأت المعركة عند هؤلاء، وإن كان ذلك بالنيابة، وأن من دفع لبدئها لا يمكنه أن يبقى مستمراً في الاعتماد على نوابه في أرض المعركة، وستأتي اللحظة الحاسمة لتدخلهم جسداً في المعركة.. ولن تكون كسابقاتها من الحروب مطلقاً، بل ستستخدم فيها كل أسلحة الدمار الشامل وستطال مساحة الكرة الأرضية من دون استثناء.. خاصة وأن فائض القوة كما أسلفنا القول، هو من سيحدد شكل المعركة النهائية.