عربي

“الدرع والسهم”.. عملية إسرائيلية مفاجئة على غزة.. لماذا الآن؟

شن الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم الثلاثاء، عملية عسكرية مفاجئة على قطاع غزة بعد أسبوع من قصفه الأخير للقطاع، وسط أزمة سياسية خانقة تشهدها إسرائيل، ألقت بظلالها على تماسك حكومة بنيامين نتنياهو.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، استشهاد 13 فلسطينيا وإصابة 20 آخرين في حصيلة أولية للغارات الإسرائيلية المفاجئة على القطاع، فيما أعلنت “سرايا القدس” الذراع المسلح لحركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية، استشهاد 3 من قادتها وزوجاتهم وعدد من أبنائهم في الغارات.

أزمة داخلية
أحد أبرز الأسباب وراء ما سمتها إسرائيل عملية “الدرع والسهم”، يرجع في الأساس إلى الأزمة التي نشبت داخل الحكومة الإسرائيلية مؤخرا.

وتتكون الحكومة من أحزاب من أقصى اليمين الديني والقومي الإسرائيلي تتبنى سياسات معادية للفلسطينيين.

والأحد الماضي، أعلن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، عدم مشاركة حزبه “عوتسما يهوديت” في الاجتماع الأسبوعي للحكومة، معللا ذلك بأن سياستها “غير مقبولة”، وذلك بعد 3 أيام من امتناعه ونواب حزبه (6 من أصل 120 بالكنيست) عن التصويت في الكنيست (البرلمان) لصالح القرارات الحكومية، رغم أنه جزء من الائتلاف الحكومي.

وجاء ذلك وقتها، احتجاجًا على الرد الذي وصفه بـ “الضعيف” للجيش الإسرائيلي على إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة الأسبوع الماضي والذي أسفر عن مقتل فلسطيني وإصابة 5 آخرين.

وبمقاطعة حزب بن غفير لجلسات الكنيست يفقد الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو والذي يحظى بـ 64 مقعدا بالكنيست، الأغلبية اللازمة (61 مقعدا) لتمرير قوانين.

وعقب بدء عملية “الدرع والسهم” العسكرية على قطاع غزة، نشر بن غفير على حسابه في موقع “تويتر” تغريدة كتب فيها “آن الأوان”.

وقال موقع “والا” العبري، إن رئيس “عوتسما يهوديت” سينهي مقاطعته للحكومة والكنيست بعد العملية العسكرية الجديدة.

ونقل الموقع عن “بن غفير” قوله: “هذه بداية جيدة. حان الوقت لتغيير السياسة في غزة”.
وإلى جانب، الأزمة داخل الحكومة، تواجه الأخيرة أزمة خانقة مع المعارضة على خلفية خطة إصلاح القضاء التي تسعى الحكومة لتمريرها وتصفها المعارضة بالانقلاب.

وللأسبوع الـ 18 تظاهر آلاف الإسرائيليين يوم السبت الماضي، احتجاجا على الخطة التي تحد من سلطات المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية)، وتمنح الائتلاف الحكومي السيطرة على لجنة تعيين القضاة.

وفيما يقول معارضون وبينهم رئيس المعارضة يائير لابيد إن نتنياهو يسعى من وراء الخطة المثيرة للجدل إلى تحويل إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية، والإفلات من المحاكمة في قضايا فساد، يقول نتنياهو إن خطته تهدف إلى إعادة التوزان بين السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية).

ويستضيف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ محادثات بين الحكومة والمعارضة منذ أسابيع في محاولة لتقريب وجهات النظر والوصول إلى حل وسط، دون أن تسفر محادثاته عن أي تقدم.

ويقول فلسطينيون إن نتنياهو يحاول من عملية “الدرع والسهم”، تصدير أزمته الداخلية إلى غزة، واسترضاء حلفائه في اليمين للحيلولة دون سقوط حكومته التي مضى على تشكيلها أقل من 5 شهور.

الوضع الإقليمي
يأتي التصعيد الإسرائيلي الجديد في قطاع غزة، وسط انشغال العالم العربي بأزمات وقضايا على رأسها الحرب في السودان.

ومنذ منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي، يشهد السودان معارك دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” أسفرت عن مقتل المئات وإصابة الآلاف.

وأطلقت دول عربية من بينها السعودية مبادرات لوقف إطلاق النار بين القوات المتقاتلة، تستضيفها مدينة جدة، وسط تحذيرات من امتداد رقعة الصراع وتأثيراته على الإقليم.

مباغتة “الجهاد الإسلامي”
يقول المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هرئيل، في تحليل نشرته الصحيفة اليوم الثلاثاء، إن حركة الجهاد الإسلامي في غزة أمطرت إسرائيل بأكثر من 100 صاروخ وقذيفة هاون يوم الثلاثاء الماضي، ردا على وفاة القيادي بالحركة خضر عدنان في السجن الإسرائيلي بعد إضرابه عن الطعام لـ 89 يوما احتجاجا على ظروف اعتقاله.

ويضيف هرئيل: “على المستوى السياسي الإسرائيلي وفي المؤسسة الأمنية، تم دراسة رد فعل قوي، ولكن كان من المعقول الافتراض أن قادة التنظيم نزلوا إلى المخابئ. لهذا السبب تقرر الاكتفاء بالقصف المحدود وانتظار الوقت المناسب – الذي جاء في وقت مبكر من صباح اليوم الثلاثاء”.