آراء سياسة

الحرب النووية على الأبواب.. والمسرح آسيا التي ستوزع الموت على العالم

بقلم: عبد الكريم محمد

لم تأت التحذيرات المشفوعة بالمخاوف من جانب الكثير من الدول، لمجرد التسلية وملء الفضاء الإعلامي، بقدر ما هي المخاوف من اندلاع حرب نووية مفاجئة في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، بسبب ‏تحركات أمريكا العسكرية، التي بات يصفها البعض  بـ”المتهورة”.‏

ولعل التحركات غير المعهودة والمتسارعة من جانب كوريا الجنوبية وأمريكا واليابان، والهادفة كما يقال  لتعزيز التعاون الأمني ​​الثلاثي، الذي سلطوا الضوء عليه في قمة جماعية نادرة لرؤسائهم الأسبوع الماضي، لم يكن فعلاً عابراً أو طارئاً، بل جاء لرسم خارطة طريق الحرب القادمة، التي ترى بكوريا الشمالية والصين هدفها الأساسي.

وأن المناقشات الجادة والمستفيضة، حول التدريبات العسكرية الثلاثية التي أجراها رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، مع نظيريه الأمريكي والياباني، جو بايدن وفوميو كيشيدا، على هامش قمة “الناتو” في إسبانيا، كانت رسالة واضحة بأن الحرب باتت حقيقة واقعة..

هذا الأمر وما يحمله بين ظهرانيه، دفع الكثير من الدول والمراقبين والمتخصصين بالشأن الدولي، للقول أن قمة “الناتو” الأخيرة، تؤكد بشكل أكثر وضوحا أن أمريكا تسعى إلى رسم خطة محكمة، توطئة لاحتواء روسيا والصين في نفس الوقت من خلال تحقيق “عسكرة” أوروبا.. وتشكيل تحالف عسكري مثل الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والحفاظ على التحالف العسكري الثلاثي لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان كوسيلة مهمة لتجسيد الخطة”.

ولعل “التحركات العسكرية المتسارعة وغير المعهودة  للولايات المتحدة والقوات التابعة لها”، يمكنها أن تضع السلام والأمن العالميان في “الحالة الأكثر خطورة بعد نهاية الحرب الباردة”، إذ قد تندلع حرب نووية مفاجئة في وقت واحد في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ”.

وعلى ما يبدو أن إعلان  رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، بمناسبة عيد استقلال الجمهورية، بالقول، أن الأمريكيين يريدون الهيمنة ويريدون عالماً أحادي القطب ومن يرفع رأسه يتعرض للقصف، السبب يكمن في ظهور علاقات جديدة في العالم، تنادي بتعددية الأقطاب..

لافتاً بالقول إلى أنّ “اليوم هناك صراع ليس فقط من أجل موقعنا في الفضاء السوفييتي”، معتبرًا أن “الجزء الأوروبي، كشف اليوم عن صراعه من أجل آسيا الوسطى”.

وذكر لوكاشينكو أن “آسيا الوسطى مثلنا، وجدت نفسها بين نارين، من ناحية الأوروبيون والأمريكيين، ومن ناحية أخرى الصين، مما يساعد آسيا الوسطى بشكل كبير على البقاء”، مشددًا على أن “المعركة المقبلة ستكون في آسيا الوسطى في القريب العاجل، وقد ظهرت بوادر ذلك، العالم سينقسم”

بالمقابل ذهبت كوريا الشمالية إلى أبعد من ذلك، في اطلاقها التصاريح الاعلامية والسياسية المتلاحقة، والتي تؤكد على أنها ستدافع “بشكل موثوق” عن سيادة ومصالح البلاد، وستؤدي “واجبها المسؤول” لضمان السلام والأمن في المنطقة.

المهم بالأمر، أن اليابان دخلت على خط الشراكة مع الناتو، وهذا ما عبر عنه رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بشكل واضح لا يقبل التأويل، بأن اليابان تعتزم رفع مستوى شراكتها مع الناتو بشكل كبير بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، لأن أمن أوروبا لا ينفصل عن أمن آسيا، مشيدا بمشاركة التحالف الغربي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأن حضور كيشيدا قمة منظمة حلف شمال الأطلسي في إسبانيا كأول زعيم ياباني يفعل ذلك، يسلط الضوء على اتساع نطاق تحالف يواجه تحديات تمثلها روسيا والصين.

وقد تكون مطالبة رئيس الوزراء الياباني في السعى لتحديث وثيقة الشراكة الخاصة بها مع “الناتو” لتعزيز التعاون في مجالات مثل الأمن السيبراني والبحري، والتخطيط لتعزيز دفاعاتها على مدى السنوات الخمس المقبلة وزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير للتعامل مع التهديدات الأمنية المتزايدة، بما في ذلك تلك التي تسببها الصين وتعزيزها لقوتها العسكرية.. هي البداية وليست النهاية، لقدوم الحرب التي قد تدمر ثلث العالم.