آراء

الثورة هي اختزال عامل الزمن نحو الانعتاق

بقلم: إياد مصطفى 

قبل كل شيء لا بد لنا من تعريف الثورة في معجم اللغة العربية، فقد ذهب بعضهم للقول بأنها «اندفاع عنيف من جماهير الشعب نحو تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية تغييرا جذرياً».

بمعنى التغيير الكامل لجميع البنى الاجتماعية – الاقتصادية القائمة، بما في ذلك المؤسسات والسلطات الحكومية في النظام السابق لتحقيق الأهداف المتوخاة في التغيير النزيه والناجز، الذي يؤسس لنظام العدالة ويوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع. 

أي أن الثورة وإن بدت حركة سياسية في معلمها العام، هي في حقيقتها حركة تحولات اجتماعية عميقة، تؤسس لحالة من الانعتاق من ربق السلطة الحاكمة، بما تفرضه من قوانين متخلفة وسلوكيات هابطة، قد تعتمد القيم الطائفية أو الجهوية أو حتى الفئوية والتي بدورها تؤسس للفساد والمحسوبيات وبناء النظم الديكتاتورية والأمنية الصارمة، التي تصل معها إلى الفاشية وعبادة الفرد الملهم. 

ولعل الخطورة في الثورات أحيانا، تكمن في تصدر الجيش المشهد العام ضد السلطة الحاكمة، الأمر الذي يوصل أو  يؤسس لبروز حكومات استبدادية عسكرية في البلدان الثائرة. خاصة وأن مثل هذه التجارب ما تزال حاضرة في بلداننا.. أي أن الثورات بدأت بتحرك شعبي عارم، وسرعان ما تسرق من الضباط الأحرار لينتهي المشهد مآساوياً، يتمثل في ظهور دكتاتوريات عسكرية. 

حقيقة هذا ما انتهت به معظم الثورات في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بحكومات عسكرية مثلا. والسبب في ذلك هو غياب الوعي لطبيعة المرحلة والتآمر على أصحاب المصلحة في عملية التغيير لصالح هذه القوى، التي غالباً ما تأتمر بأوامر الخارج على حساب الداخل، انطلاقاً من مقولة الحفاظ على الأمن ووحدة المجتمع.. والمصالح الوطنية العامة.

المهم بعيداً عن التوصيف، أن الثورة بطبيعتها تقوم كحركة شعبية واسعة عنفية أو سلمية لا يهم، المهم أن تعي حقيقة مصالح الفئات الاجتماعية وأن لا تماهي النظم الدكتاتورية التي دفعت بالثورات من أجل الاطاحة بها والتخلص من جرائمها.. 

وهي في الحقيقة اختزال لعامل الزمن، وليس لبناء تشكيلات لها امتدادات خارجية، لتنفيذ أجندتها على حساب مصالح الداخل، لتشرع هذه العصابات في بناء المتاريس، ويتحول الأمر جله لحروب أهلية بأجندات خارجية، لتعود فيما بعد النظم الديكتاتورية حاجة أكثر منها عبئاً على المجتمع والدولة.