اكتشف العمل الميداني الأثري في المغرب أقدم مجتمع زراعي غير معروف سابقا من فترة ما قبل التاريخ في شمال غرب إفريقيا.
وتكشف هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة Antiquity، لأول مرة عن أهمية المغرب (شمال غرب إفريقيا) في ظهور مجتمعات معقدة في البحر الأبيض المتوسط الأوسع.
وبفضل بيئة البحر الأبيض المتوسط، والحدود مع الصحراء الكبرى وأقصر معبر بحري بين إفريقيا وأوروبا، فإن المغرب يقع في موقع مثالي كمركز للتطورات الثقافية الكبرى والاتصالات بين القارات في الماضي.
وفي حين أن أهمية المنطقة خلال العصر الحجري القديم والعصر الحديدي والعصر الإسلامي معروفة جيدا، إلا أن هناك فجوة كبيرة في المعرفة بآثار المغرب بين نحو 4000 و1000 قبل الميلاد، وهي فترة من التغيير الديناميكي في معظم أنحاء البحر الأبيض المتوسط.
ولسد هذه الفجوة، قام يوسف بوكبوت، من المعهد الوطني لعلوم الآثار، وسيبريان بروودبانك، من جامعة كامبريدج، وخوليو لوكاريني، من المركز الوطني للبحوث والسياسات البيئية والمعهد الدولي لعلوم المحيطات والمحيطات، بتنفيذ أعمال ميدانية أثرية تعاونية ومتعددة التخصصات في وادي بهت بالمغرب.
ويقول البروفيسور بروودبانك: “لقد كنت مقتنعا لأكثر من ثلاثين عاما بأن علم الآثار في منطقة البحر الأبيض المتوسط كان يفتقد إلى شيء أساسي في شمال إفريقيا في عصور ما قبل التاريخ المتأخرة. والآن، أخيرا، نعلم أن هذا كان صحيحا، ويمكننا أن نبدأ في التفكير بطرق جديدة تعترف بالمساهمة الديناميكية للأفارقة في ظهور وتفاعل المجتمعات المتوسطية المبكرة”.
وأضاف الفريق في الورقة البحثية: “لأكثر من قرن من الزمان، كان آخر ما لم نكن نعرفه عن عصور ما قبل التاريخ في البحر الأبيض المتوسط هو الدور الذي لعبته مجتمعات سواحل إفريقيا الجنوبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط غرب مصر. وتثبت اكتشافاتنا أن هذه الفجوة لم تكن بسبب أي نقص في النشاط ما قبل التاريخي الرئيسي، بل بسبب الافتقار النسبي إلى التحقيق والنشر. ويؤكد وادي بهت الآن الدور المركزي الذي لعبته بلاد المغرب في ظهور مجتمعات البحر الأبيض المتوسط والمجتمعات الأفريقية الأوسع نطاقا”.
وتكشف النتائج أن الموقع كان أكبر مجمع زراعي من هذه الفترة في إفريقيا خارج منطقة النيل. وتشير جميع الأدلة إلى وجود مستوطنة زراعية واسعة النطاق، مماثلة في الحجم لمدينة طروادة في العصر البرونزي المبكر.
وعثر الفريق على بقايا نباتية وحيوانية مستأنسة غير مسبوقة، وفخاريات وأحجار، وجميعها تعود إلى العصر الحجري الحديث الأخير. وكشفت أعمال التنقيب أيضا عن أدلة واسعة النطاق على وجود حفر تخزين عميقة.
ومن المهم أن نلاحظ أن مواقع متزامنة ذات حفر مماثلة قد عُثر عليها على الجانب الآخر من مضيق جبل طارق في شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث أشارت اكتشافات العاج وبيض النعام منذ فترة طويلة إلى وجود صلات إفريقية.
ويشير هذا إلى أن المغرب كان له دور فعال في التطورات الأوسع في غرب البحر الأبيض المتوسط خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد.
المصدر: newsweek