أدب

اطلق العنان للخيال.. سهماً

بقلم: عبد الكريم محمد

عندما يغالبك النعاس ليصبح سلطاناً، اترك حلمك يقظاً، فالأحلام يا صاحبي كما الملائكة.. وسلطانها عشق الديمومة التي لا تشيخ بالتقادم..

بل لا تجعل من اللحظات الفاصلة، وأنت تتأبط وسادة نومك، حلمك.. فالحلم العظيم تصنعه الذاكرة اليقظة، وما عداه مجرد هواجساً لا أكثر.. قد تصنعها رؤوس العصافير لحظة هجرتها من أعشاشها عند الصباح..

على أمل، أن تصطاد فراشة تائهة عن الركب، لتلق حظها العاثر عند منقار ذاك الحالم بفريسة.. أو حبة من حنطة كانت قد سقطت من القافلة العابرة ليلاً، على عجل قبل بزوغ الشمس.  

اترك للحلم لجامه، ودع الخيال سهماً يعانق عنان السماء، ولا ترسم حدود النهايات، فالحلم العظيم يخبئ ما هو أعظم.. يخبئ ما يخجل البشر من ترداده على مسامع الآخرين..

وتذكر أن الجنون، هو لحظة انسحابك من حلمك.. بل عليك أن تتذكر أن كل الأحلام تتحول ودائعاً، وأنت وحدك سترحل إلى ما لا تحبه يوماً.

سألتني ذات يوم عابرة طريق، تعشق الجلوس على أرصفة الطرقات، لتعدّ المارة متأملة كل واحد منهم.. ما هو حلمك وماذا تحب؟

ضحكت من هول السؤال حقاً، دون أن أنبس ببنت شفة.. لتعيد السؤال ثانية.. أجبني ما هو حلمك؟!

بهدوء مصطنع بعض الشيء، لأني اتمناه ولا أقوى على استحضاره، الجائع يا صديقتي يرى بكسرة الخبز حلماً، واليتيم يبقى يبحث محموماً عن أم، مهما بلغ من العمر عتياً، والمريض يحلم بوصفة سحرية ليبرأ من مرضه..

 والقبيحة تحلم بوصيفة تكون آية بالجمال، لتصبح ظلها.. والمتصابية تحلم ببائع طلاء ليعيدها السندريلا معشوقة الأمير..

أما أنا النمر الذي يتضور جوعاً..  الذي لا يمكنه أن يحلم باصطياد فأر، كان قد ضل الطريق صوب جحره.. مهما بلغت بي الأحلام والآلام..

حلمي يا صديقتي أكبر من حلم ذاك الصقر، الذي يحلم باستجماع زرقة السماء بناظريه.. حلمي أن أعيد ترتيب الكينونة بما يشبه تلك الكينونة.