مجتمع

استغلال قلوب البشر

بقلم: آيات أبو طعيمة
الإنسان بطبعهِ كائن حيّ عاطفيّ، ف القلب هو العضو الأساسيّ ليتحكم بمشاعرهِ وأحاسيسه، فهو يُشاركنا بأفراحنا وأحزاننا كأنهُ شخصًا داعمٌ لنا، فهو كالظّل يُرافقنا أينما نكون.

بلْ هو صاحبُ قرار يتحكمُ مَنْ نُحبْ ومَنْ نكره،فهو المُسيطرالأول والأخيرفي عالم أحاسيسنا.

فالقلب مصدر القوة والإلهام، ومصدرًا للألم والضّعف، وهو مَنْ يضع في قلوبنا الرحمة والحُب، وهوَ مَنْ يضعْ فيها القهر والقسوة، فليسَ كلّ من لديهِ قلب يمتلكُ نفس المشاعر، فقلوبنا مختلفة، ومشاعرنا متناقضة.

ف بعض القلوب بفطرتها تُحب للغير كما تُحب لنفسها، ترى أنّ احتياجات الغيرْ مهمة تمامًا كأنها احتياجتها؛ولكن تحوّل هذا اللطف وهذه المودة وحب الغير عند البعض إلى استغلال والأخذ قدر المُستطاع، وتلبية احتياجات الأخرين لو على حساب حياتهم، فهل القلب الطّيب الصّفة الجميلة التي أمرنا الله أن نتصفُ بها أصبحت خطرًا؟.

في هذا العالم المتوحش أصبح النّاس يبحثون عن أنفسهم، وعن مصالحهم، وعن الأخذ دون عطاء. للأسف هذا ما وصلنا إليه لدرجة أنّ صاحب القلب الطيب أصبحوا يدّعونَ صفاته بالضعف، والحُمق، لأنه يملك شيئًا صعب جدًا في وقتنا هذا امتلاكه.

فالنّاس نستطيع تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام: الشّخص الأول القاسي المُفتري الذي ينطبق عليه مَنْ لا يَرحم لا يُرحم، والشخص الثاني هو الشخص المُستباح هو الذي يمتلك طيبة قلب زائدة لدرجة تجعلهُ يتألم، ولا يوجد عنده حدود في العطاء، فهو مِعطاء ومهضوم الحقوق، يُقدم بلا وعيّ، دون انتظار مقابل، يُفضل الآخرين على نفسهِ، ويقع في فخ الجميع أنه يمتلك كل شئ وبالحقيقة ليسَ لديهِ شئ، والشّخص الثالث هو الطّيب والمعطاء الرحيم ولكن في حدود وحزم، الذي يستطيع أن يوازن بينَ الأمور.

الاستغلال في وقتنا الحالي ليس فقط استغلالًا ماديًا فقط، بل هناك استغلال عاطفي وهو الحب بطريقةٍ شنيعةٍ، وهو التلاعب بمشاعر الآخرين لتحقيق هدفًا معينًا، أو لقضاء بعض الوقت بسبب الفراغ، دون الشّعور بالذنب، أو تحمّل المسؤوليّة،بحيث يجد نفسه الشّخص أن مهدد بالخطر من قِبل الشخص الآخر، والشخص المُستغل يفعل المستحيل للوصول إلى أهدافهِ، وعندما تنتهي المصلحة؛ ينتهي كل شئ دون التفكير بردة فعل الطرف الآخر، وهذا للأسف ما نعيشهُ في مجتمعنا حاليًا بنسبةٍ كبيرةٍ من الشباب والشابّات،بحيث يعيشون تحت مسمّى علاقة مُزيفة ومُصطنعة التي قد ينجم كوارث من وراءها، دون النّظر إلى العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن هذا الاستغلال.

لِذا علينا أن نعي ما يجب علينا فعلهُ، والانتباه أن حدسنا هو عامل مهم وكفيل أن نستعين بهِ لنعرف حقيقة مَنْ حولنا، وعدم اعطاء الثّقة لِمَنْ لا مكان لهم في حياتنا، حتى لا يُسبب لنا الغير ألمًا وجِراحًا عميقة يصعب التئامُها لاحقًا.

فالعلاقات المبنيّة على الاحترام المتبادل والثقة الكاملة هي علاقات صحيّة قدْ تكون أكثر ديمومة من العلاقات المبنيّة على الاستغلال.

فقلوبنا مجبولة على حبّ الخير، والنّقاء، فاعرف قيمة ذاتك، وأحّب نفسك وأحب لغيرك، فكل تجربةٍ مؤلمة وراءها درس ٌيصعب نسيانه، فحارب بعقلك لا بقلبك فالحياة لم تعدْ كما كانت، والبشر لم يعدْ كالسابق، فكلٌّ يجري وراء متطلباتهِ ومصالحهِ.

اترك تعليقاً