أدب

استراحة متعب

بقلم: عبد الكريم محمد

من كثرة الأحزان لم يعد مكاناً للحزن.. لم يعد السواد حرفة أو طلاءاً.. ولم يعد ينفع معه أن يكون ستراً أو ستاراً.. لأنه الأقوى على الحضور دونما استئذان أو سابق إنذار.. يأتينا خلسة كما الموت.. كما اللص الذي يغالب غفوة الناس من المتعبين لحظة العتمة، دونما استحياء..

 يغالب الفجر والضياء.. يدخل في التفاصيل ليقتل عبق الياسمين.. وبراعم الجورية الغافية على جنبات الأبواب المهجورة من جور اللحظات.. وغياب الفواصل في هول الأزمنة المتلاطمة تخومها.. كما العواصف الهائجة.. إيذاناً بغضب الطبيعة.. لتأخذ الطائعين في طريقها قبل العصاة.

لم يعد مكانا للحزن يا حزانى الحي.. فقد تآخينا في الهم، وتوحدنا توائماً حتى صرنا صورة واحدة لا أكثر.. كما ركام الذكريات الحزينة في ذاك الركام.. الذي لم يعد يعنيه لحظة من فرح في الزحام.. بعد أن قبضت تلك الأيادي الحاقدة على آخر الأحلام..

لم يعد متسعاً للوقت لتخليق الأشياء كما تريد أيها الشريد.. لم يعد متسعاً للوقت أن تستجلب سواد الحزن على هيئة السواد.. خذ برهة من الوقت أو استراحة متعب عند الظهيرة، علك تقتل شيئاً من الحزن، لتنام قيلولتك كما جرت عليها الأيام..