آراء

إياكم وتصديق الشروط النارية للاعتراف بحكم طالبان.. فالغرب والعالم يعتبرها أمراً واقعاً

بقلم: عبد الكريم محمد

حقيقة شدني الكتابة بهذا الشأن السياسي المستجد، الحملات والشروط والمطالبات التي ترسلها خاصة دول الغرب الأوروبي.. فما تكاد تفرغ من قراءة خبر أو تحليل حتى يأتيك صنوه، وإن اختلفت المفردات..

اليوم وبعد القنوط التي عاشته أوروبا لجهة سيطرة طالبان على أفغانستان، تمخض الجبل الأوروبي بخاصة والغربي بعامة، ليبشر بولادة خمسة شروط، في حال طبقت الخمسة شروط ستعتبرها بروكسل معيار لمصداقية وعود الحركة، بأنها تغيرت عن فترة حكمها الأولى.

الحقيقة الدامغة، أن طالبان أصبحت أمراً واقعاً، وأن كل من له معرفة ببديهيات السياسة، يدرك أن سياسة الأمر الواقع تأخذ شكلاً سرمديياً، لا يمكن لحكومة أو دولة أو عصابة أو فرد تجاهله.. وأن ما يقال عن شروط، هي مجرد محاولة القفز بهلوانياً كما تفعل القردة داخل حلبة السيرك، حتى يظهر صاحبها بمظهر القوي والقادر على فرض شروطه وإملاءاته.

والدافع الأوروبي وراء فتح باب الاعتراف أمام حركة طالبان أمران: الإرهاب واللاجئون، أما طالبان فترى أنها معنية بالحصول على اعتراف دولي بحكمها يتيح لها الحصول على مساعدات.
هذه الشروط جاءت بما تحمل، عقب الاجتماع غير الرسمي الذي عقده وزراء الخارجية في دول الاتحاد الأوروبي، وأعلنها المتحدث باسم الاتحاد لويس ميغيل بوينو، نيابة عن الوزراء.
علماً أن من صاغ أو وضع مسودة تلك الشروط، يدرك أن حركة طالبان لا يمكنها القبول بتلك الشروط، وأنه وضعها كخطوة ومطالب ذات سقوف عالية، عله يصل يوماً وعبر المفاوضات إلى ما يسمى بالحل الموسط المرضي، لكلا الجانبين.
تفاصيل الشروط
الشرط الأول.. عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتصدير الإرهاب، وكان طالبان أعلنت في الماضي التزامها المسبق بهذا الشرط، لكن لا يُمكن التحقق منه إلا بتعاون استخباراتي بين الطرفين، خاصة في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تعلن وجودها في أفغانستان، مثل تنظيم “داعش خراسان”.
أما الشرط الثاني فهو “احترام حقوق الإنسان وخاصة المرأة وسيادة القانون وحرية الصحافة”. صحيح أن سلوك الحركة كان مختلفا عن فترة التسعينيات، إلا أنه يصعب على الحركة الالتزام بالمعايير الأوروبية بحقوق النساء وحرية الصحافة.

والشرط الثالث هو تشكيل حكومة انتقالية في أفغانستان، على أن تكون شاملة ومبنية على مفاوضات مع كافة الأطراف السياسية، لكن ثمة خلاف بشأنها.
 
الشرطان الأخيران اللذان طلبهما الاتحاد الأوروبي من حركة طالبان يبدوان الأكثر يُسراً على الحركة، وهما “تأكيد وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين استنادا إلى المبادئ الدولية” و”التزام طالبان بتعهدها بالسماح بخروج الأجانب والمواطنين الأفغان المعرضين للخطر وفي ضوء القرار الدولي 2593″.

وسبق للحركة أن أعلنت رغبتها بالحصول على المساعدات الخارجية، واشارت إلى موافقتها على الشروط اللوجستية في ذلك المضمار. كذلك أعلنت الحركة تعاونها التام في تهيئة الظروف للأجانب الراغبين بمغادرة البلاد.

بنهاية الأمر المنتصر هو من يملي شروطه، واليوم حركة طالبان وبعض حلفائها وجيرانها من الدول، يعتبرون أنفسهم بحلّ من أي شرط لا يتوافق مع تطلعاتهم، وأن أمن أوروبا وآسيا مترابطان، لا يمكن الفكاك من الجغرافيا والديموغرافياً.. وسنشهد بالقريب العاجل، حركة سريعة جداً باتجاه الاعتراف وإعادة العلاقة بطالبان، بدايتها ستكون المساعدات الانسانية..