اعمال

إنها المفارقات .. إجبار الفلاحين السوريين على بيع محاصيلهم بأقل من التكلفة!!

بقلم: د. أحمد خليل الحمادي

الجدير ذكره اولا بان محافظة درعا مازالت سيطرة النظام الطائفي القاتل المجرم عليها سيطرة هشة و لم يتمكن من إحكام قبضته عليها بشكل كامل فنفوذه لا تتعدى مربعاته الأمنية وأماكن تواجد قواته منذ عام ٢٠١٨ حيث جرت ما يسمى بالمصالحة و التسويات و لم يجد فيها الحصار كونها محافظة منتجة للغذاء و محصوله الأساسي الاستراتيجي القمح، لذا يأتي قرار حكومة النظام بتسلم كافة انتاج محصول القمح ليأخذ بعده السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني لتجريد المحافظة وأهلها من عامل من عوامل قوتهم و صمودهم فيما إذا ما أراد النظام استهدافها لاحقا لبسط سيطرته و نفوذه عليها عسكريا و أمنيا و هذا ما يفسر العقوبة القاسية جدا المفروضة على من لم يسلم محصوله من القمح وهي الحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات و تغريمه بقيمة ثلاث أضعاف قيمة القمح الممسوك لديه بالسعر الرائج .

و بالنسبة للسعر الرائج حاليا حيث تم تحديده من قبل حكومة النظام الطائفي القاتل المجرم ب ١٨٠٠ ل.س للكغ بينما وقت البذار كان النظام قد باع البذار ب ١٦٠٠ ل.س فيما كان الدولار بحدود الخمسة آلاف ليرة سورية ، فهل يعقل أن يكون سعر القمح حاليا المفروض من قبل النظام هو ١٨٠٠ ل.س بينما الدولار في عتبات ١٢ ألف ليرة سورية مع ما رافق ذلك من غلاء و قفزات كبيرة في الأسعار بما فيها مستلزمات العملية الزراعية المختلفة بدء من الحراثة و النقل و التسميد و الحصاد و النقل و غيرها مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية و الأسمدة والبذار و اليد العاملة ، فالسعر العادل الذي يحقق للفلاح هامش ربح مقبول ان يكون السعر متناسب مع قفزات الأسعار هذا في الحالة الطبيعية إذا ما أهملنا نوايا النظام الخبيثة السياسية و الأمنية و العسكرية و الاقتصادية في الحصول على محصول القمح ، ففي الحالة الطبيعية يجب ان لا يقل سعر الكيلو غرام من القمح عن ٦٠٠٠ ل.س ، لذا لا يمكننا وصف هذا القرار الحكومي للنظام الجائر و القاسي مع ما حدده من عقوبات سوى سرقة موصوفة ومفضوحة لمحصول القمح و على عينك يا تاجر كما يقال بالمثل الحوراني .

بالنسبة للقمح و مشتقات من برغل و طحين و رفيعة و غيرها مما يشتق و يرتبط به جرت العادة في حوران على وضع المونة و هي ما تسمى في الاقتصاد السياسي بمصطلح الاقتصاد الحربي ، أي الفلاح أو صاحب البيت عندما يضع مونة بيته يصبح حالة من الاستغناء عما يتوفر في الاسواق بنسبة كبيرة من حاجاته الغذائية و لا يقوم بشراء إلا ما يحتاجه بشكل مباشر أو يومي من السوق مع وضع جزء من المحصول كبذار للموسم القادم لاستمرار العملية الانتاجية ، و لعل هذا الأمر الذي يشكل عادة متأصلة في حوران ما جعلهم أقل تأثرا من فعاليات الحصار الذي كان يفرض على درعا و مدنها و بلداتها ، أي النظام قطع الطحين لفرض أمر ما عليه يكون رد الفعل الشخصي من المواطن العادي بسيطة حيث يقوم بعجن بعض الطحين و خبزه و تقديمه لأطفاله و بذلك يتخلص من مشكلة انقطاع الخبز أو يتم صناعة بعض المأكولات مما يتوفر في البيت و عمادها البرغل سواء مجدرة او مليحي او اي طبخة شهية و ما أكثرهن ، و هذا شكل عامل قوة لحوران و درعا عندما انطلقت الثورة و قيام النظام بالحصار المقيت على كل المدن السورية و منها مدن محافظة درعا و تجويعها و تركيعها حسب ما سعى إليه كما رفع شعار الجوع و التركيع أو الخضوع .

ان قرار حكومة النظام الطائفي القاتل المجرم بتجريد درعا من محصولها الاساسي القمح هو قرار سياسي اقتصادي عسكري أمني و في الحالة الطبيعية هو سرقة مكشوفة و مفضوحة لهذا المحصول و السعر جائر و منهك للفلاح و يؤدي إلى خسارته الفادحة بينما الليرة السورية تنهار و يقابل انهيارها ارتفاع كبير و جنوني في الأسعار حيث تتضاعف أسعار المواد و تقفز خلال فترات بسيطة بينما النظام و رئيسه لا هم لهم سوى استمرار سيطرتهم و نهبهم لخيرات سورية و مواردها و بيع مرافقها الحيوية لإرضاء الدول و الميليشيات التي دعمته في هدر الدم السوري وتدمير سورية و يعيش في انفصال تام عن الواقع بينما الشعب السوري أنهك جوعا و خرابا و دمارا و تجاوزت نسبة الفقر في سورية ٩٠٪ من مجموع سكانها و العشرة الباقية تراكم ثرواتها نتيجة كل هذا الخراب و الدمار .

هذا النظام الذي يجبر الفلاحين حاليا على بيع محصول القمح له هو نفسه من قام و يقوم بحرق المحاصيل الزراعية في محافظة درعا وغيرها من المحافظات لاخضاعهم و تجريدهم من مورد رزقهم كما فعل مؤخرا في طفس