ثقافة

إنها الكذبة الكبرى عند الغرب.. الاستشراق مقولة استعمارية وحسب


بقلم: عبد الكريم محمد

كثيراً ما نسمع عن الاستشراق عند الغرب، بل ذهب الكثير من المفكرين والكتاب والمتخصصين، ليصنفوا هذه المقولة أو السلوك أو الثقافة، إلى استشراق قديم وحديث.. وأن هذا الجنوح نحو دراسة ظاهرة الاستشراق، يظهر على خلفية عدوان أو احتلال عسكري لبلد من بلاد الشرق، خاصة الإسلامية منها.. ليصبح العنوان الأبرز الاستشراق وشيطنة الأمم، وعلى رأس القائمة الشعوب الإسلامية، بل كل القائمة دون منازع أو منافس..

خاصة وأن تطور وسائل الاتصال و القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي وأدوات الاتصال الحديثة، سهَّلت للمستشرقين الجدد عملهم في إنتاج مزيد من الادعاءات الكاذبة والموجهة الباحثة عن النيل من الإسلام عامة والعالم العربي بخاصة..
وأن الذريعة على الدوام جاهزة، والتي تقول أن غياب الديمقراطية في الشرق هو الذي أثار حفيظة الإسلاميين، الأمر الذي دفعهم للخروج من بلدانهم لتهديد المجتمعات الغربية، مرورًا بأن الحل يكمن في إحلال الديمقراطية الأميركية ووصول الإسلام السياسي إلى سدة الحكم؛ كي لا تتكرر مأساة تفجير بُرجَيِ التجارة العالمي من جديد..

هذه الأفكار روَّجت لإعادة تقسيم المنطقة العربية على أسس طائفية وعرقية، وعجَّلت بخلق جماعات تؤكد وجهة نظر الغرب في الإسلام.. هذه الكذبة لم تدم طويلاً، فما أن هبت رياح التغيير في البلدان العربية والإسلامية، حتى بدأت اصابع الاتهام الغربية توجه باللائمة، على طلاب الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، ليبدأ الغرب بدعم عسكرة المجتمعات العربية على نحو جديد..

ولعل الأمثلة تكمن في احتلال العراق وتقسيمه إلى طوائف، ودعم التطرف من كل الطوائف من دون استثناء.. لتأتي مرحلة الانقلابات على صناديق الاقتراع في مصر وجلب السيسي لسدة الحكم وليبيا جاءوا بحفتر ليقلب ظهر المجن.. واليوم الرئيس التونسي قيس سعيد، مدعوماً من المخابرات والعسكر في انقلابه على الديموقراطية..

ومحاولة خلق المظلات لنظام الأسد في سورية، الذي يرتكب أفظع المذابح، بل لم يتوان في استخدام أسلحة الدمار الشامل، المتمثلة باستخدام المواد والاسلحة الكيماوية “الكلور والسارين”.. وتهجير نصف المجتمع السوري، بل وقتل أكثر من مليون ونيف من المدنيين.. وما يزال يقود المذابح الجوالة في كل المدن السورية المعارضة لحكمه، دون أن نلمس موقفاً واحداً جاداً من شأنه حماية حياة المدنيين السوريين.
كل هذا جرى ويجري عبر شيطنة المجتمعات العربية، المترافق مع الاسلامفوبيا.. لتحل علينا لعنة عدم قدرة أو جهوزية الشعوب لاستقبال المولود الجديد المتمثل بالديموقراطية.. لذلك كان الحل جاهزاً، لاستحضار الحلول الأمنية والتدخل العسكري ومساندة «الحكام الأقوياء»، الذي يقول عنهم غالبية المجتمع العربي بالجواسيس، بدلًا من تدعيم الديمقراطية والمراهنة على القوى الخيرة التي تؤمن ببناء المجتمعات المدنية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.. بالتزامن مع دعشنة وأسلمة قوى المعارضة، التي عبرت عن كل الاتجاهات الفكرية والسياسية والاجتماعية من دون استثناء.

بل تزامن هذا السلوك في الغرب مع صعود اليمين المتطرف والخطاب المعادي للهجرة، وبخاصة من البلدان الإسلامية، البعض اعتبر أن جل القضية، ليس دليلاً على قوة الفكر الاستشراقي الجديد في صنع الرأي العام والقرار.. بقدر ما هي نظرة عنصرية، تخاف من اقتحام القيم العظيمة في ظل مرحلة غياب القيم في الغرب المترافق مع اتساع رقع اليأس وغياب الأمل، المتمثل بضعف الموروث الثقافي.