سياسة

أمريكا.. تتجه لافتقاد القداسة.. والقادم تفكك الجمهوري والديموقراطي معاً

بقلم: إياد مصطفى

على ما يبدو أن التجارب متقاربة بين الدول، ولعل المرحلة التي تعيشها أمريكا تذكرنا بإسرائيل العالم 1977 عندما بدأ يغيب أفول بريق حزب العمل ليقبل بالليكود شريكاً.. فكما فشل حزب العمل باقناع اليهود الشرقيين الذين طغوا على الواقع الديموغرافي الإسرائيلي ليتجاوزا آنذاك ال60% من مجموع المستوطنين.. اليوم تمرّ أمريكا  بذات التجربة.

فالحزب الجمهوري يعود لقواعده اليمينية المتدينة، ظناً منه أن هذه العودة قد تشكل له شبكة الآمان على المدى المنظور، بموازات ذلك يذهب الحزب الديموقراطي بكليته نحو الكاثوليك اللاتين والجاليات والأعراق المتنوعة، توطئة للملمة أوراقه المبعثرة، انطلاقاً من ذات الأهداف التي انتهجها خصمه الجمهوري، مع الفارق في الخطابات الأيديولوجية المتنافرة..

المهم بالأمر، أمريكا تدخل مرحلة تفكك الأحزاب التقليدية، التي حكمت المجتمع الأمريكي لعشرات بل لمئات السنوات، لتدخل في حالة الانحلال القسري القائم على نفي القدسية التي كانت تمارس قبل سنوات خلت.. وأن تطور الوعي والفوارق الطبيقية وتنامي الاتجاهات العنصرية في داخل الأحزاب، خاصة الحزب الجمهوري.. وغياب الطبقة الوسطى وزيادة الفقر بين فئات بعينها في المجتمع الأمريكي، أي بين اللاتين والسود والجاليات الأخرى، قد عجل من تفاقم الأزمة التي يعيشها المجتمع الأمريكي.

والأهم من ذلك أن المقولات الثابتة التي كانت تزعم بكل بجاحة، أن المجتمع الرأسمالي هو الأقد على تجديد نفسه، قد سقطت اليوم بفعل تمركز رأس المال بيد قلة قليلة في المجتمع، لتغيب مع هذا الانتقال المفجع العدالة الاجتماعية بكل أشكالها ومسمياتها..

بل تراجعت الثقة لأدنى مستوياتها بكلا الحزبين، وأن استطلاعات الرأي كلها تقول بأن المجتمع الأمريكي فقد ثقته بالمطلق.. فقد كشف استطلاع رأي جديد أن 7 من كل 10 أميركيين إنهم لا يرغبون في أن يترشح الرئيس الأمريكي، ‏جو بايدن، لولاية ثانية، وذلك بالتزامن مع بقاء أرقام تأييد بايدن منخفضة، واستعداد حزبه الديمقراطي ‏لخسائر في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.‏

وتم إجراء الاستطلاع في يومي 28 و29 يونيو/ حزيران 2022، بالتعاون بين مركز الدراسات السياسية الأمريكية في جامعة هارفارد واستطلاع هاريس، وفقا لصحيفة “ذا هيل” الأمريكية.

ووجد الاستطلاع الذي شمل 1308 ناخب مسجل أن 71 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع لا يعتقدون أن بايدن يجب أن يترشح لولاية ثانية، مقارنة بـ29 بالمئة ممن قالوا إنه يجب أن يترشح.

ومن بين مجموعة المستجيبين الذين يعتقدون أن بايدن لا ينبغي أن يترشح، أكد 45 بالمئة إنه “لا ينبغي على بايدن أن يقدم عرضا آخر لأنه رئيس سيء”، في حين قال حوالي ثلث المستجيبين إنه “كبير في السن”، وأفاد ربعهم تقريبا أن “وقت التغيير قد حان”.

ويأتي هذا التطور مع استمرار معاناة بايدن من معدلات الموافقة المنخفضة، إذ منحه المشاركون في الاستطلاع الجديد درجات منخفضة في التعامل مع التضخم (28 بالمئة)، والاقتصاد (32 بالمئة)، وتحفيز الوظائف (43 بالمئة) والاستجابة لوباء “كورونا” (50 بالمئة).

ويستعد الديموقراطيون بالفعل للخسائر في شهر نوفمبر المقبل، بالنظر إلى أرقام التأييد المنخفضة لبايدن، والسابقة التاريخية المتمثلة في أن حزب الرئيس في فترة ولايته الأولى يعاني عموما من خسائر في انتخابات التجديد النصفي.

وفي المقابل، يرى غالبية المشاركين في الاستطلاع (61 بالمائة) أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، لا ينبغي عليه أن يترشح للبيت الأبيض في عام 2024، بينما يرى 39 بالمئة من المستطلعين أنه يجب يجب أن يترشح مرة أخرى.

من بين المستجيبين الذين تم استطلاع آرائهم، والذين يعتقدون أن ترامب لا ينبغي أن يقدم عرضا آخر في الدورة الرئاسية المقبلة، قال 36 بالمئة إن ترامب كان متقلبا، وأشار 33 بالمئة إنه سيقسم البلاد، وأجاب 30 بالمئة أنه كان مسؤولا عن أحداث اقتحام أنصاره ومؤيدي مبنى الكابيتول في العاصمة الأمريكية واشنطن في يوم 6 يناير/ كانون الثاني 2021، من أجل منع التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020.

وقال غالبية من شملهم الاستطلاع إنهم سينظرون إلى مرشح مستقل معتدل، في حالة حدوث مواجهة بايدن وترامب ضد بعضهما البعض في انتخابات عام 2024، بما في ذلك أغلبية من الجمهوريين والديمقراطيين الذين شملهم الاستطلاع.