بقلم: عبد الكريم محمد
بعيداً عن المواقف السياسية والأيدولوجية، بكل مضامينها الاجتماعية وأهدافها وغاياتها.. ثمة مستجدات قد حدثت لم تكن بالحسبان، عند كل صناع السياسة ورجالات الحكم، في سورية والمنطقة والعالم.. اليوم وبعد استطالة الحرب الروسية – الأوكرانية زمانياً، لا بد من أن تتوسع مكانياً، ليس بفعل الأماني والأحلام، بل بدافع الحاجة والضرورة القصوى، التي لا يمكن لأحد الهروب من إسارها الملحة.
فقد وقع الخيار على ما أعتقد، وما وصلني من تسريبات قد تكون صحيحة.. بأن سورية وحدها ستكون متنفساً مكانياً، للإجابة أو محاكاة ما يجري في أوكرانيا.. بعضهم راهن على أن تركيا باعتبارها العضو الثاني في حلف الأطلسي هي من سيقوم بالمهمة على أكمل وجه.. بينما ذهب بعضهم الآخر بالمراهنة على إحياء غرفة “الموك” في الأردن بدعم أمريكي وخليجي، وبتجميع القوى المحلية التي كانت تأتمر بأمرة الغرفة، لانجاز هذه المهمة المرتقبة وصولاً إلى دمشق وريفها..
الحقيقة التي لا بد من تبيانها، أن دولة واحدة بعينها هي من يقوى على القيام بهذه المهمة، وأن هذه الدولة تحتاج لمثل هذه العملية، لتعود إلى واجهة الحدث على المستويين الدولي والإقليمي في آن معاً.. فإسرائيل الذي تراجع دورها لشرطي احتلال في الضفة ومشارف القدس وحصار غزة، ضاقت ذرعاً من هذا الدور القزم، الذي غيبها عن دائرة الفعل الشرق أوسطي على أقل تقدير، هي وحدها من سيقوم بهذه المهمة على أكمل وجه..
وأن روسيا وإيران وتركيا والغرب والشرق، باتوا يعون هذه الحقيقة، التي لا مهرب أو مناص منها، وأن العملية ستأخذ بالحسبان مع ما سيرافقها من متغيرات على الأرض السورية، طرد الروس وانهاء الوجود الإيراني وهدم قمقم النظام السوري على رؤوس ساكنيه من كل أصناف القتلة والمجرمين والمرتزقة والطائفيين، التي دافعت عنه في السابق باعتباره حاجة قصوى لأمنها، منذ ستينيات القرن الماضي..
اليوم اختلفت الأجندة، والمفاهيم بالضرورة غالباً ما تخضع لمثل هذه الاختلافات في الرؤى والمصالح، فمصلحة بريطانيا وأمريكا تحديداً، العمل على خنق روسيا التي أخذت مدداً بوجودها على شواطئ المياه الدافئة، ولا بد من إغلاق عبوات الهواء النقي وإعادة روسيا إلى غرفة العناية الفائقة في بلاد الجليد..
بينما إسرائيل ستجد ضالتها في تجديد دورها الإقليمي والقاري إذا ما أسعفها الحظ، وستأتي على الوجود الإيراني حتى في جزء من العراق، خاصة وأن كل الظروف ستصب في صالحها، ولن يقف أحد من الشعوب بوجه إسرائيل، بعد أن شكلت الأنظمة المحلية كالنظام السوري، أكبر عقبة كأداء تتجاوز كل موبقات الاحتلال.. فجرائمه فاقت كل الجرائم، ولم تعد تحتمل، وسيكون العنوان والشعار، الظالم سيف الله يسلطه على هؤلاء القتلة الذين عاثوا بالشعب السوري والوطن السوري قتلاً وتنكيلاً..
المهم بالأمر، التهديد الروسي بضرب إسرائيل إذا أقدمت على تنفيذ الخطة، لن يمنع الحرب القادمة في سورية، وأن القرار قد اتخذ، والضربات الأخيرة التي شهدتها دمشق ومحيطها، لم تكن لاستهداف الوجود الإيراني وحزب الله، بل مقدمة لضرب هيبة وقوة النظام ودفاعاته الجوية، إيذاناً ببدئ المعركة نحو دمشق وإسقاط النظام السوري من التاريخ والجغرافيا؛ وكنس كل العصابات الداعمة له على الأرض السورية سواء كانت دولاً أوأحزاباً.. أو ما شابه ذلك من ميليشيات.