على الرغم من نفى المصدر الدبلوماسي الروسي، صحة الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام غربية حول شروع موسكو في سحب جزء من أسطولها البحري من قاعدة طرطوس في سوريا، في ذات الوقت التي أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية إجراء تدريبات عسكرية في شرق البحر الأبيض المتوسط.
إلا أن المعطيات على أرض الواقع، تكذب هذه الادعاءات الروسية ومصادرها الدبلوماسية والسياسية والإعلامية وحتى العسكرية.. فقد بدأ الروس بسحب منظوماتهم الصاروخية من قاعدة حميميم، إلى ميناء طرطوس والمركز البحري..
عكس ما صرح به المصدر الدبلوماسي الروسي قبل أيام، عدم استبعاده من احتمال أن «ترسل تعزيزات أو إمدادات سواء إلى القاعدة الجوية (حميميم في اللاذقية) أو القاعدة البحرية والميناء في طرطوس»، موضحاً أن «مركز البحرية في طرطوس هو المسؤول عن التحركات اللوجيستية لتزويد السفن التابعة للأسطول العسكري الروسي في البحر المتوسط وفي مناطق أخرى في المحيطات».
ولعل ما يجري على الأرض، يكذب ما أبلغ عنه المصدر الأمني في النظام السوري لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية، أن «عدداً من سفن الشحن تحميها بوارج روسية انطلقت اليوم من ميناء طرطوس باتجاه البحر الأسود لتوريد العتاد العسكري اللازم للجيش السوري من مخازن المؤسسة العسكرية الروسية بهدف التحضير لانطلاق معركة التحرير الكبرى خلال الأيام المقبلة».
ولم تعلق وزارة الدفاع الروسية على المعطيات المتداولة كما تجنبت وسائل الإعلام الحكومية الإشارة إليها.
وتعد القاعدة البحرية الروسية في طرطوس حيوية لطموحات روسيا على الساحة الدولية.
وأشار تقرير لموقع «نافال نيوز» إلى أن «التحولات الدراماتيكية في خطوط المواجهة داخل سوريا تعرّض القاعدة للخطر. هناك دلائل تشير إلى أن روسيا قد تكون بصدد إجلاء سفنها البحرية».
ووفق التقرير، تبدو القاعدة البحرية الروسية في طرطوس مهددة بشكل وشيك مع الهجمات التي تشنها فصائل المعارضة مسلحة على جيش النظام السوري وحلفائه من روس وإيرانيين وميليشيات طائفية عابرة للحدود.
ومع اقتراب خطوط المواجهة، بدأت روسيا بالفعل باتخاذ احتياطات، ولفت التقرير إلى أنه حالياً تمتلك روسيا خمس سفن بحرية وغواصة واحدة متمركزة في طرطوس. وتشمل هذه القطع: فرقاطتين من فئة «جورشكوف»، وفرقاطة من فئة «غريغوروفيتش»، وسفينتين مساعدتين، وغواصة من طراز «كيلو» المطور.
وقد غادرت إحدى هذه السفن، وهي السفينة المساعدة «يلنيا»، ميناء طرطوس صباح الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع ورود معلومات تشير إلى مغادرة بعض أو جميع السفن الأخرى، وفق التقرير نفسه.
وحسب التقرير، يأتي هذا التحرك غير المتوقع بعد عدة أيام من تغير مفاجئ في مسار الحرب المستمرة في سوريا. وأصبحت النظام السوري الذتي يعد روسيا حليفة رئيسية له في موقف ضعيف. بينما تحقق فصائل الثورة السورية المسلحة تقدماً سريعاً على أكثر من جبهة لا سيما في حماة بوسط البلاد وحمص والجنوب السوري القريب من العاصمة دمشق.
رغم عدم تأكيد ذلك، فإن حركة السفن هذه تُعد على الأرجح مرتبطة بشكل مباشر بالوضع على الأرض. وإذا صح ذلك، فسيكون هذا أول مؤشر واضح على أن روسيا تسحب أصولها القيمة من البلاد.
وفي هذا الإطار، أشار المحلل البحري المرموق دروكسفورد ماريتايم عبر منصتي «إكس» و«بلوسكاي» إلى أن «هناك احتمالاً واقعياً أن تكون هذه المغادرة مرتبطة بتدهور الوضع في سوريا».
والسفينة «يلنيا» هي ناقلة من طراز «Project 160 Altay»، وهي أصل ثمين ومهمة لدعم القوة البحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط. وتشير المعلومات إلى أن الغواصة، والفرقاطات، وسفينة مساعدة أخرى قد غادرت أيضاً ميناء طرطوس.
ناهيك عن بدء إخلاء الجيش الروسي المنتشر على خط الفصل في الجولان السوري المحتل، وتفكيك مواقعه على عجل بعد أن تلقى أوامر عليا بضرورة الإخلاء الفوري لتسارع الأحداث، التي تشي بقرب سقوط نظام المجرم بشار الأسد وزبانيته.