بقلم: عبد الكريم محمد
صحيح أن الضخ الإعلامي فاق الحروب عينها، لكن ما هو مطلوب من الزيارة أكبر بما لا يقاس من تحقيق النتائج المرجوة.. بعضهم يقول بأنه لأول مرة يذهب رئيس للولايات المتحدة في جولة في الشرق الأوسط، ولا يتمكن من تحقيق أهدافه وتقوية سلطة بلاده.. لكننا بدورنا نقول، أن كل زيارات رؤساء الولايات المتحدة، لم تكن سوى ترحيلاً للأزمات أو إدارتها، أو كسباً لعامل الوقت لا أكثر..
و صحيح أيضاً، أن مزامير داوود الأمريكية قد دقت في فلسطين، لكن الرحلة وما تهدف إليها تبدو صعبة للغاية، خاصة وأن محاولات بايدن في إظهار الثقل السياسي للولايات المتحدة في المنطقة هذه المرة، لا يمكنه تحقيق هذا الهدف أو غيره، وأن الصعوبة في القضية يرمتها، تكمن في الحرب الروسية – الأوكرانية، وأن “الوضع الجيوسياسي العالمي والإقليمي قد تغير بشكل كبير”.
لكن الجميل والملف في الزيارة، هي حجم التلاعب بالكلمات وزلات اللسان الذي ما فتئ يتوقف عند زلة دون الأخرى.. والصور المبهرتة للناظر وكأننا في حفلة زفاف لأحد المترفين والمتخمين من عارضة أزياء لا أكثر.. وهذا يؤكد مرة أخرى على تطور تقنيات العدسة ورفعة المصورين، باعتبار القضية برمتها تختزل “في النهاية تختزل في جلسة تصوير” بآخر ما توصلت له صناعة الكاميرات ومهارات المصورين. وأن شعارات بايد المجوفة، القائمة على دبلوماسية القيم قد فشلت فشلاً ذريعا‘.. وأن التطلعات والأماني لا يمكنها أن تحل محل الوقائع، أياً تكن العقائد والشعارت المشفوعة بها.
وأن إمكانية إقناع دول الشرق الأوسط بالوقوف إلى جانب أمريكا دون غيرها، ليست سوى محاولات محمومة، لا يمكنها أن تتعدى الأمنيات، وأن تعاونها الوثيق مع روسيا والصين سيستمر، بفعل الحاجة والضرورة، وأن العرب جميعهم أضعف من ملء فراغ الطاقة الروسية، وهم من يزحف على بطنه طلباً لرغيف الخبز الروسي والتكنولوجيا الصينية الرخيصة.
“وبالتالي، تأتي محاولات إدارة بايدن زيادة وجودها في الشرق الأوسط من خلال الزيارات وإقامة علاقات عسكرية أعمق من أجل الحفاظ على نظامها الهش الذي يعاني الكثير من الفجوات الاجتماعية والأزمات الاقتصادية غير القابلة للحل على المدى المنظور.. بتحالف مع الشرق الأوسط” لا أكثر ولا أقل.
بل يمكننا الإدعاء وبقوة إلى أن أزمة الطاقة الدولية وما برز على جنباتها من أزمات، عززت بشكل كبير مفهوم الاستقلال الاستراتيجي وحالة الثقة لدى جميع الدول المنتجة للنفط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، التي تنافس روسيا على المرتبة الثانية في انتاج الطاقة، وقد تصل لليوم الذي يمكنها منافسة الولايات المتحدة نفسها على المرتبة الأولى.