عربي

تجاهل روسيا وإبعاد الفصائل الفلسطينية.. ما شروط واشنطن لرفع العقوبات عن سوريا؟

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن الإدارة الأميركية تهدد باتخاذ موقف صارم مع الحكومة السورية الجديدة، حيث أصدرت خطة جديدة تضمنت شروطاً جديدة لإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية ورفع العقوبات.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الولايات المتحدة تطالب دمشق باتخاذ سلسلة من الخطوات الأمنية والسياسية الصارمة، كشرط أساسي قبل النظر في تخفيف محدود للعقوبات أو إعادة العلاقات الدبلوماسية، بما في ذلك “إجراءات صارمة ضد المتطرفين، وطرد المسلحين الفلسطينيين”.

وذكرت الصحيفة أن البيت الأبيض أصدر، في الأسابيع الأخيرة، توجيهات تدعو الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات تشمل تأمين مخزون البلاد من الأسلحة الكيميائية، في حين تنظر واشنطن في المقابل بتجديد إعفاء محدود من العقوبات، أصدرته إدارة بايدن، بهدف تسريع تدفق المساعدات إلى البلاد.

ما الشروط الأميركية وما الجديد فيها؟
ووفق مصادر “وول ستريت جورنال”، تتضمنت التوجيهات السياسية الجديدة للإدارة الأميركية بعض الطلبات المشابهة لتلك التي قُدمت في عهد إدارة بايدن، بما في ذلك التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتأمين اليورانيوم عالي التخصيب.

كما تتضمن المطالب الأميركية تعيين مسؤول اتصال للعمل على تحديد مكان 14 مواطناً أميركياً مفقوداً في سوريا، واتخاذ خطوات جادة ضد “الجماعات المتطرفة” وإعلان عام برفضها.

وفي شرط جديد، تُطالب الإدارة الأميركية الحكومة السورية بمنع الفصائل الفلسطينية المسلحة من العمل في البلاد، بما في ذلك جمع الأموال هناك، وطرد أعضاء تلك الجماعات من البلاد، وهذه خطوة وصفتها الصحيفة بأنها “قد تفجر مواجهة محتملة” مع الجماعات الفلسطينية، التي استقرت في سوريا منذ عقود.

تخفيف محدود للعقوبات مقابل إصلاحات سياسية وأمنية
وقالت “وول ستريت جورنال” إنه في حال التزام الحكومة السورية المؤقتة بجميع الشروط، تَعِد الإدارة الأميركية بمراجعة العقوبات، وتمديد بعض الإعفاءات لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، خاصة تلك المتعلقة بإمدادات الكهرباء، والنفط، والغاز.

إلا أن مسؤولين أميركيين شددوا على أن أي رفع واسع للعقوبات غير مطروح في الوقت الراهن، رغم ضغوط من بعض القوى الإقليمية مثل تركيا وأطراف أوروبية تحذر من أن غياب الدعم الاقتصادي قد يعيد سوريا مجدداً لحالة عدم الاستقرار، أو يعزز ارتماءها في أحضان روسيا والصين.

وأكد المسؤولون الأميركيون أنه إذا اتخذت سوريا كل الخطوات الموضحة في السياسة، فإن الولايات المتحدة “ستلتزم علناً بسلامة أراضي سوريا، وستنظر في تجديد العلاقات الدبلوماسية، وإزالة التصنيفات الإرهابية عن أعضاء الحكومة الجديدة”.

كما ستنظر الولايات المتحدة أيضاً في تمديد الإعفاءات الحالية من العقوبات، التي أصدرتها إدارة بايدن في كانون الثاني الماضي، بهدف تسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

تجاهل روسيا ووجودها في سوريا
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن اللافت في الخطة الأميركية الجديدة غياب أي إشارة لمطالب تتعلق بإخراج القوات الروسية من سوريا، في تحوّل واضح عن نهج إدارة بايدن السابق، الذي كان يربط أي تقدم دبلوماسي مع دمشق بملف الوجود العسكري الروسي.

وقال مسؤولان سابقان في إدارة بايدن إن أحد أهداف الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الإدارة السابقة مع دمشق هو إنهاء الوجود العسكري الروسي في سوريا، بما في ذلك قاعدتان بحريتان وجويتان بالقرب من البحر الأبيض المتوسط، وهما ضروريتان لجهود روسيا العالمية لإظهار القوة.

واعتبر محللون ومراقبون أن هذا التغيير في الإدارة الأميركية الجديدة يأتي “انعكاساً للمفاوضات الجارية بين واشنطن وموسكو حول أوكرانيا، ما يدفع الولايات المتحدة لتجميد ضغوطها بهذا الملف مؤقتاً”.

تحذيرات من تعقيد المشهد السوري
ولا يرقى العرض الأميركي الجديد لمستوى رفع العقوبات الذي دعا إليه بعض المسؤولين الأوروبيين والقوى الإقليمية مثل تركيا، في حين يعرب محللو الأمن عن القلق من أن سوريا قد تنزلق مرة أخرى إلى العنف، أو تنجرف مرة أخرى تحت تأثير روسيا وغيرها من المعارضين التقليديين للولايات المتحدة.

وقال محللون ومراقبون للصحيفة إن الخطة الأميركية الجديدة قد تدفع الحكومة السورية إلى خيارات أكثر تقارباً مع روسيا والصين.

ونقلت الصحيفة عن بنيامين فيف، كبير محللي الأبحاث في شركة “كرم شعار” الاستشارية، قوله إن “السياسة الأميركية بهذه الصيغة المعقدة لن تترك لسوريا سوى خيار الارتماء أكثر في حضن الروس أو حتى الصينيين”.

وتعليقاً على السياسة الأميركية الجديدة في سوريا، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه “ينبغي على السلطات السورية المؤقتة نبذ الإرهاب وقمعه تماماً”، مشيرة إلى أن “أي خطوات مستقبلية ستعتمد على مدى التزام دمشق بالشروط الموضوعة”.

اترك تعليقاً