مجتمع

البشرية تجتر ذاتها مع فارق الأزمنة

بقلم: عبد الكريم محمد

كثيراً ما نسمع من الناس خاصة أولائك المهتمون بالتراث وتاريخ الشعوب والعلوم الاجتماعية، أن الماضي دائماً كان يحمل بين ثناياه الأفضل، على كافة الصعد دون استثناء.. بل إن بعضهم يضفي عليه صفة القداسة والترفع. مذ وجدت البشرية، ولا نعرف حقيقة متى وجدت على هذه الأرض..

 فالبشرية تحمل معها غرائزها مجتمعة، ولم يتغير شيئ حتى المنظومات القيمية والأخلاقية.. والعادات والتقاليد وسلوك الأفراد والجماعات بكل مسمياتها، على حد سواء.. أي أن البشرية المسعورة، تجتر ذاتها مع فارق الأزمنة وتطور التكنولوجيا، واختزال عامل الزمن.

بل ان الغرائز لم تكن محكومة باي قانون أو قيمة، على العكس أو على النقيض من ما يقوله هؤلاء القوم، فكلما تقدمت البشرية كلما فرضت قوانياً ناظمة أو صارمة أكثر نضجاً، وكلما أصبحت تبتعد عن العبث، لتعيش حالة من الرتابة ولو بالتراضي.

وان ما نعتبرهم من الماضي نباريساً لنا، سببه قلة الأمثلة دون أن نسقط  الواقع المتردي والمخزي الذي كانوا يعيشون فيه، ليصبحوا بعد ذلك مثلاً..

إن الحاضر على الدوام بكل ما يحمله، هو الأفضل مما سبقه بالأمس القريب، لأنه على الدوام يقدم لنا كل ما هو جديد، بل ويعدنا بتقديم الأكثر، في كل الميادين بلا استثناء، حتى بالسلوك والقيم.. واحترام الأفراد والجماعات، رغم المظالم التي نشهدها في حاضرنا وهي مقززة، لكنها لا تقاس ولا تتساوى مع الماضي، الذي كان يحمل قبحاً لا يوصف على الإطلاق.