أكد المؤرخ والكاتب الإسرائيلي الروسي المناهض للصهيونية أرتيوم كيربيتشينوك، أن هناك حركة هجرة عسكية من إسرائيل، مبينا أن العيش في إسرائيل لم يعد يطاق.
وفي مقابلة مع برنامج ” قصارى القول” عبر RT عربية، لفت كيربيتشينوك إلى أن معظم النخب السياسية من الاتحاد السوفيتي السابق الذين جاءوا إلى إسرائيل في ستينات وسبعينات القرن الماضي كانوا يمنيين متطرفين حتى أن الإسرائيليين أحجموا عن التعامل معهم مما دفع الوافدين الجدد إلى الاتصال بجماعات اليمين المتطرف مثل حركة هاغانا وغيرها”.
وأوضح أنه “بذلك تحددت التوجهات السياسية للوافدين في تسعينيات القرن الماضي فقد تأثروا بمن سبقهم في حقبتي الستينيات والسبعينيات وبينهم من تحكم بالصحافة ومختلف وسائل الإعلام. وكان من بين الوافدين من تربع على رأس الهرم السياسي في الجمهوريات السوفيتية السابقة، عدا عن أن غالبيتهم العظمى من الطبقة المتوسطة وبينهم أطباء ومهندسون وعلماء كلهم يتمتعون بثقافة وتحصيل علمي رفيع”.
وأشار كيربيتشينوك إلى أن “المفارقة تتمثل بأن معظمهم بعد وصولهم إلى إسرائيل فقدوا كل الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها في الاتحاد السوفيتي واضطروا للعمل في مهن شاقة بمجال الخدمات والتنظيف وغيرها من الأعمال التي تصنف على أنها متدنية”، مبينا أن “يهود الاتحاد السوفيتي (القادمون الجدد) وعددهم يفوق المليون مهاجر لعبوا دورا كبيرا في الانتخابات ورجحت أصواتهم الكفة لصالح اليمين”.
وأكد أن “المجتمع الإسرائيلي مجتمع استعماري نمطي وكأي هيئة مشابهة مبنية بطريقة هرمية وقد أصبح أحفاد أول من جاء إلى إسرائيل من المهاجرين في عشرينيات القرن الماضي وتحديدا من أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية نخبة الهرم الإسرائيلي”، لافتا إلى أن “المستوى الثاني هم المهاجرون الذين قدموا من الشرق من شمال إفريقيا والبلدان العربية والعراق وقد تعرضوا للتمييز لفترة طويلة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ولكنهم مع الوقت حسنوا أوضاعهم خاصة في مدن الأطراف وفي المستوطنات خارج المدن.
بعدها يأتي المهاجرون من الاتحاد السوفيتي السابق وتحتهم مهاجرون من إثيوبيا وتحت هذه الطبقات الأربع يوجد السكان الفلسطينيون الأصليون”.
وأضاف: “كما نرى من هذه الصورة فإن المهاجرين من الاتحاد السوفيتي سابقا ليس لديهم ذلك الوضع الجيد مثل الأوروبيين. علما بأن 60% من يهود الاتحاد السوفيتي أصحاب كفاءات وخبرات مرموقة ويحملون شهادات علمية وثقافية عالية وكانوا لعبوا أدوارا كبيرة في الثقافة والسياسة والفنون ووفقا لتقييم الخبراء الإسرائيليين فإن 2% فقط من يهود الاتحاد السوفيتي يشغلون مواقع قيادية في الشركات والجامعات وفي غيرها من هياكل الدولة بسبب وجود حواجز لا يمكن لهم تخطيها”.
وشدد كيربيتشينوك على أن “إسرائيل مجتمع استعماري وهو من الجهة الأخرى مجتمع شرقي فيما يتعلق بالجيش والدين وتنوع المجموعات الإثنية”، موضحا أن “مهاجري الاتحاد السوفيتي السابق هم جزء من هذه الإثنيات لناحية مستوها ووزنها الانتخابي.. إنهم بالدرجة الأساسية يصوتون ولكن لا يستطيعون تشكيل توجه سياسي مستقل”.
وجزم أن “غالبية الإسرائيليين لا يؤمنون بالأيديولوجية الصهيونية، كما أن معظم جيل التسعينيات يتحدث عن حقبة ما بعد الصهيونية، والكثير من الإسرائيليين يحاولون أن يحصلوا على جوازات سفر برتغالية وبولندية والهجرة إلى الولايات المتحدة وهولندا وهذا يهدم الوهم الصهيوني”، مؤكدا أن “الناس يتحينون الفرص لمغادرة هذا البلد”.
وتابع قائلا: “حصل مؤخرا حدث مضحك مع مسؤول منظمة “نتيف” وهي منظمة مهمتها تشجيع الهجرة من بلدان الاتحاد السوفيتي السابق إلى إسرائيل.
فقد مارس هذا المسؤول التحريض على تهجير اليهود ولكن ليس إلى إسرائيل وإنما الى القمر ضمن مشروع (الملياردير الأمريكي) إيلون ماسك الذي بدأ بتوزيع الأراضي في القمر وتسليم صكوك ملكية لمن يشترك في مشروعه الخيالي بل حتى أنه أصدر جوازات سفر.
وقد حصل المسؤول الإسرائيلي على أموال من رجل أعمال ضمن المشروع ولذلك أحيل إلى المحاكم”، معتبرا أن “هذه الحادثة مع أنها مضحكة إلا أنها في نفس الوقت تعكس حقيقة أن موضوع الهجرة إلى إسرائيل لم يعد حيويا بل أن المضاربات المالية والبحث عن الربح هدف أساسي، ويمثل التراكض للحصول على جوازات سفر دليل على أن العيش في إسرائيل لم يعد يطاق”.
ولفت كيربيتشينوك إلى أن “مصطلح الهجرة إلى إسرائيل الذي استخدمته الحركة الصهيونية يعني الطلوع أما الهجرة المعاكسة بالخروج من إسرائيل فيعني الانحدار.
وتعتبر أرقام الهجرة المعاكسة من أسرار الدولة المقدسة التي لا يجوز نشرها”، مضيفا: “لكن نعرف الآن أنه بعد السابع من أكتوبر غادر من مائة إلى ثلاثمائة ألف شخص وهذه المعطيات غير مؤكدة مع أنها واقعية وقد تتضاعف في حال استمرار الحرب.
كما أن نهاية الحرب ستعزز مواقع اليمين المتطرف وعندها فإن الكثيرين لن ينسجموا مع الأوضاع المتردية ويخططون جديا للهجرة. ونلحظ الآن أن كبريات شركات التقنية الصفرية بدأت بإخراج أموالها من إسرائيل”.